وقد ثبت النهي عنه من بعضهم ، وفي مقدمتهم الفاروق عمر بن الخطاب الذي أمرنا رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بالاقتداء به .. وقد ورد عنه في ذلك ما تقدم في التعليق على الحديث الواحد والعشرين.
وصدق الله العظيم : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً) والحمد لله رب العالمين انتهى كلامه ـ رحمه الله تعالى ـ.
وبعد هذا البيان الطيب من محدث العصر الألباني ـ رحمه الله ـ لا يبقى لي كلام ، لكني أريد أن أنبه فقط على موضوع الصخرة التي في بيت المقدس فلم يثبت بخصوصها وتقديسها أي دليل ، ولا عن الصحابة الكرام ولقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية ذلك أحسن بيان حيث قال في" اقتضاء الصراط المستقيم" ص (١٨٦ ـ ١٨٧) ما ملخصه : " كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار يذهبون من المدينة إلى مكة حجّاجا وعمّارا ومسافرين ، ولم ينقل عن أحد منهم أنه تحرّى الصلاة في مصليات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ومعلوم أن هذا لو كان عندهم مستحبّا لكانوا إليه أسبق ، فإنهم أعلم بسنته ، وأتبع لها من غيرهم ، وأيضا فإن تحرّي الصلاة فيها ذريعة إلى اتخاذها مساجد ، وذلك ذريعة إلى الشرك بالله ، والشارع قد حسم هذه المادة بالنهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها ، وبالنهي عن اتخاذ القبور مساجد.
فإذا كان قد نهى عن الصلاة المشروعة في هذا المكان وهذا الزمان سدّا للذريعة فكيف يستحب قصد الصلاة والدعاء في مكان اتفق قيامهم فيه أو صلاتهم فيه من غير أن يكون قصدوه للصلاة فيه؟ ولو ساغ هذا لاستحب قصد جبل حراء والصلاة فيه ، وقصد جبل ثور والصلاة فيه ، وقصد الأماكن التي يقال إن الأنبياء قاموا فيها كالمقامين اللذين بجبل قاسيون بدمشق اللذين