يقال إنهما مقام إبراهيم ـ عليه السلام ـ ، والمقام الذي يقال إنه مغارة دم قابيل ، وأمثال ذلك من البقاع التي بالحجاز والشام وغيرهما. ثم ذلك يفضي إلى ما أفضت إليه مفاسد القبور ، فإنه يقال :
إن هذا مقام نبي أو قبر نبي أو ولي ، بخبر لا يعرف قائله ، أو نمام لا تعرف حقيقته.
ثم يترتب على ذلك اتخاذه مسجدا فيصير وثنا يعبد من دون الله تعالى ؛ شرك مبني على إفك ، والله سبحانه يقرن في كتابه بين الشرك والكذب ، كما يقرن بين الصدق والإخلاص. ولهذا قال النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في الحديث الصحيح : «عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله (مرتين)» ، ثم قرأ : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ ، وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ، حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ.)
ثم قال (ص ٢٠٨ ـ ٢٠٩) :
وقد صنف طائفة من الناس مصنفات في فضائل بيت المقدس وغيره من البقاع التي بالشام ، وذكروا فيها من الآثار المنقولة عن أهل الكتاب وعمن أخذ عنهم من لا يحل للمسلمين أن يبنوا عليه دينهم. وأمثل من ينقل عنه تلك الإسرائيليات كعب الأحبار. وكان الشاميون قد أخذوا عنه كثيرا من الإسرائيليات وقد قال معاوية ـ رضي الله عنه ـ :
ما رأينا في هؤلاء المحدثين عن أهل الكتاب أمثل من كعب ، وإن كنا لنبلو عليه الكذب أحيانا. وقد ثبت في الصحيح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : «إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم ، فإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه ، وإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه».
ومن العجب أن هذه الشريعة المحفوظة مع هذا الأمة المعصومة التي لا تجتمع على ضلالة إذا حدث بعض أعيان التابعين عن النبي ـ صلى الله عليه