وآله وسلم ـ بحديث كعطاء بن أبي رباح والحسن البصري وأبي العالية ونحوهم ، وهم من خيار علماء المسلمين وأكابر أئمة الدين ، توقف أهل العلم في مراسيلهم وليس بين أحدهم وبين النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ إلا رجل أو رجلان أو ثلاثة مثلا. فكيف بما ينقله كعب الأحبار وأمثاله عن الأنبياء. وبين كعب وبين النبي الذي ينقل عنه ألف سنة أو أكثر أو أقل. وهو لم يسند ذلك عن ثقة بعد ثقة بل غايته أن ينقل عن بعض الكتب التي كتبها شيوخ اليهود ، وقد أخبر الله عن تبديلهم وتحريفهم ، فكيف يحلّ للمسلم أن يصدق شيئا بمجرد هذا النقل؟ بل الواجب أن لا يصدق ذلك ولا يكذبه إلا بدليل يدل على كذبه. وهكذا أمرنا النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وفي هذه الإسرائيليات مما هو كذب على الأنبياء أو منسوخ في شريعتنا ما لا يعلمه إلا الله. ومعلوم أن أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ من السابقين الأولين والتابعين لهم بإحسان قد فتحوا البلاد بعد موت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسكنوا بالشام والعراق ومصر ، وغير هذه الأمصار ، وهم كانوا أعلم بالدين وأتبع له ممن بعدهم وليس لأحد أن يخالفهم فيما كانوا عليه. فما كان من هذه البقاع لم يعظموه أو لم يقصدوا تخصيصه بصلاة أو دعاء أو نحو ذلك ، لم يكن لنا أن نخالفهم في ذلك. وإن كان بعض من جاء بعدهم من أهل الفضل والدين فعل ذلك لأن اتّباع سبيلهم أولى من اتباع سبيل من خالف سبيلهم ، وما من أحد نقل عنه ما يخالف سبيلهم إلا وقد نقل عن غيره ممن هو أعلم وأفضل أنه خالف سبيل هذا المخالف. وهذه جملة جامعة لا يتسع هذا الموضع لتفصيلها وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتى بيت المقدس ليلة الإسراء صلّى فيه ركعتين ، ولم يصل بمكان غيره ولا زار. ا. ه.