بعروضه ، ولم يرد المغامرة بالمنزلة الرفيعة التي وصل إليها لقاء وعود غير أكيدة. إضافة إلى ثقته بالعون البرتغالي ، إذ لا بد للقوات الفارسية ان تمر بالبحر أو بشط العرب إذا صممت على مهاجمته ، وكانت السفن البرتغالية موجودة في الممرين المذكورين ، بينما لم يكن للفرس قوة بحرية مهمة قادرة على مجابهة سفن البرتغاليين. لذا رفض عرض الشاه وأمر سفيره بمغادرة المدينة حالا والخروج من منطقته دون تأخر ، خوفا من اتصاله سرا ببعض أكابر المدينة الذين قد تكون لهم ميول إلى الفرس فيتأثرون به ويؤثرون بدورهم في الشعب.
لقد كان رده حاسما ، وأكد بأنه من أتباع السلطان ويفضل الموت هكذا. وهو مستعد للحرب إذا ما أرادها الشاه.
فلما رأى الشاه أن هذه الطرق لم تجده نفعا أمر خان شيراز ـ وهو أقرب وزرائه إلى تلك المنطقة ، وأقواهم ـ أن يجهز حملة على البصرة ، ويستولي عليها بالقوة. فتقدم جيش الخان ، ولم أعلم أكان الخان نفسه على قيادته أم أناب عنه أحد قواده ، وسار في طريق تستر وانحدر إلى الحويزة ودخل ولاية البصرة في الأراضي الواقعة على شط العرب إلى الشرق من مجراه ، أي جهة فارس. حدث كل ذلك قبل وصولي إلى البصرة أي في نهاية سنة ١٦٢٣ م ومطلع السنة التالية ؛ ولكنه لم يحاصر البصرة نفسها كما قيل لنا ونحن في «غوا» ولم يقترب منها ، بل اكتفى بمحاصرة قلعة على الحدود تدعى «قبان» ، وكادت أن تسقط بيد الفرس ، وبسقوطها تتعرض البصرة للسقوط المؤكد.
وكان الفرس يقاتلون بقساوة وقتلوا عددا كبيرا من أهالي البصرة ، لكنهم انسحبوا في آخر الأمر ، فقد أمطرتهم مدافع البرتغاليين المثبتة في السفن بوابل من النيران فألحقوا بهم أضرارا جسيمة ، فانكسر القزلباش. كما ان فترة الحصار امتدت طويلا فأنهكت قواهم ، فولوا عن المدينة.
في السنة التالية ، أي في فترة وصولي إلى البصرة كروا على المدينة ، وذلك عندما قدموا إلى الحويزة لتنصيب محمد بن مبارك أميرا عليها ، وخلع منصور منها. فاتجهوا إلى البصرة وتوغلوا في أراضيها ، وكان الوالي الجديد