في الواقع ـ ثلث قيمة الأشياء التي أخذت مني ...
في الثاني من تموز مضينا في رحلتنا .. وإذا بأعراب تابعين لأخ الشيخ ناصر أوقفونا في الطريق طالبين إتاوة عن الجمال.
ثم نزلنا عند ماء ورأينا هناك بيوتا للأعراب فاشترينا منهم كمية من اللبن والحليب والعنب ..
في الثالث من تموز سرنا سيرا حثيثا ، ثم توقفنا عند الظهيرة قرب مستنقع مليء بالقصب تحيطه أرض خضراء ، ووجدنا هناك طيورا مائية فاصطدنا منها ، وهكذا فعلنا في اليومين التاليين.
في السادس من تموز .. توقفنا أيضا عند مستنقع ، وبالقرب منه بئر ماؤها بارد جدا ، فشربنا وارتوينا .. في هذا اليوم سرنا في أرض مليئة بمعدن أبيض ناصع ، لعله الطلق أو أملاح النطرون ، فأخذت كمية منه.
في السابع من تموز .. نزلنا في موضع رأيت فيه شجيرات شوكية صغيرة الأوراق بقدر خنصر اليد ، شكلها شبيه بالقلب ، لها ثمرة حمراء مدورة لونها كالعقيق ، حلوة المذاق مع شيء قليل من الحموضة ، في داخلها نوى صغيرة. كانت في الحقيقة لذيذة في تلك الصحراء القاحلة.
احتفل المسلمون في ذلك اليوم بعد الفطر.
في الثامن من تموز مررنا بمياه راكدة في أكثر من موضع ، وعندما توقفنا قرب إحدى البرك تذوقنا الماء فكان طعمه كبريتيا غير مستساغ ، وأكثر مياه البادية لها نفس المذاق لكثرة ما فيها من معادن.
لم نرحل في ذلك اليوم ، إذ كان علينا أن ندفع أتاوة للأمير «مدلج أبو ريش» لأننا دخلنا في الأراضي التي تخضع لسيطرته ، أن الأمير «أبو ريشة» هو أعظم أمراء البادية العربية ، واسمه الخاص كما قلت «مدلج» ، وقد خلف عمه المتوفى فياض الذي كان على قيد الحياة قبل تسعة أعوام عندما سافرت من حلب إلى بغداد. ولم يخلفه أحد أبنائه رغم وجودهم ، بل خلفه ابن أخيه ، ذلك لأن الإمارة كانت لأبي مدلج قبل فياض ، وعند موته كان مدلج صغير