ولا يرحل بدون رسائل فاقتنع بعد لأي بكلامي. ثم طلب مني أن اصطحب رجلين من طائفته اسمهما عبد يشوع وهندي كانا يتمنيان كثيرا زيارة روما فقبلتهما .. وأضفت : ان بيتي في روما مفتوح لاستقباله ، وأنا شخصيا مستعد لتقديم أية خدمة يحتاجها إذ تربطني بطائفته روابط عزيزة جدا من جهة زوجتي المحبوبة الست معاني.
* * *
أردت قبل الرحيل زيارة كنائس الشرقيين في محلة «الجديدة» (١) ، فرأيت كنيستين للأرمن ، أقيمت الكبيرة منهما على اسم الشهداء الأربعين ، والثانية على اسم العذراء ، مريم. وكنيسة الروم ، وكنيسة صغيرة للموارنة شيدت على اسم مار ايليا ... ورأيت في موقع أبعد كنيسة السريان اليعاقبة وهي على اسم السيدة مريم ... وزرت البطريرك «هدى» (٢) ... فأطلعني على نسختين جميلتين للإنجيل الشريف مكتوبين على الرقّ ، وكانتا بحجم كبير وبخط سرياني رائع جدا ؛ يرجع عهد النسخة الأولى إلى أربعمائة سنة ، وكانت الكتابة بماء الذهب والفضة ، وقد عثر على هذه النسخة جنود أتراك في قبرص عندما احتلوا الجزيرة فحملوها إلى اسطنبول فاشتراها بعضهم. في الحقيقة لا يمكن أن تكون هناك كتابة أجمل من هذه ، وهي غنية بماء الذهب والمنمنمات وكان غلافها من المخمل المزين بالفضة المذهبة ، لكن هذا الغلاف جديد ، لأن الغلاف الأصلي سرقه الجنود إذ كان ثمينا.
أما النسخة الثانية فكانت أقدم من الأولى إذ ترجع إلى أربعمائة وخمسين سنة ، لكن كتابتها عادية وصورها قليلة ، ومصدر هذه النسخة من قبرص أيضا. وقد افتديت بمائتي قرش.
__________________
(١) كانت هذه المحلة في ذلك العهد خارج حلب وغالبية سكانها نصارى أو إفرنج الذين لم يسمح لهم الإقامة داخل المدينة والبناء فيها.
(٢) هو البطريرك أغناطيوس بطرس هدايا (١٥٩٧ ـ ١٦٣٩) انظر : بطرس نصري : ذخيرة الأذهان في تاريخ المشارقة والمغاربة السريان ٢ : ٢١٣.