نفعا ، لأن التجار المحتالين كانوا قد هربوا النقود إلى مدينة بغداد أثناء الليلة السابقة وقسما كبيرا من الأموال داخل أحمال من الحشيش والقصب وما شاكل ذلك فوصل إلى المدينة ، ولم يتركوا إلا شيئا يسيرا لإبعاد الشبهات عنهم لأنهم كانوا من التجار المعروفين بالغنى.
حدث لنا في هذا المكان أمر طريف فإننا حين ألفينا أنفسنا قريبين من المدينة ومحاطين بعسكريين كثيرين أتوا مع رجال المكوس لاستيفاء الرسوم ظننا أننا في أمان فتركنا خيامنا مفتوحة الأطراف واستسلمنا لنعاس لذيذ ، فانتهز الفرصة بعض اللصوص ودخلوا خيام المسافرين ، وراق لهم زيارة خيمتي أيضا فأخذوا كيس ثيابي ولم أشعر بهم إلا في الصباح. وعلمت حينئذ أن مسافرا إيطاليّا آخر سرقت بندقيته من تحت رأسه وفرحت لأنهم أبقوا لي صندوق كتبي وأوراقي وهو كنزي الصغير العزيز ، فحمدت الله على هذه المنة وإلا لكنت وقعت في حيرة وفقدت صبري. لقد كان الصندوق إلى جانب الألبسة ولحسن حظي لم يأخذوه رغم شكله وطريقة ربطه إذ يدلان على أنه كنز ثمين.
في اليوم التالي المصادف ٢٠ تشرين الأول عند الظهر تركنا منطقة «الإمام موسى» وسرنا باتجاه بغداد ونزلت في دار أعدت لي ، ولم تكن الدار في جانب بين النهرين (يريد الكرخ) بل في الجانب الآخر وهو القسم الأكبر من بغداد والأكثر أهمية فأخذنا نصيبنا من الراحة بعد ذلك السفر الشاق للغاية (١).
__________________
(١) إلى هنا تتوقف الترجمة العربية للرحلة في «نشرة الأحد».