ثم عرجنا على خان للنزول فيه ويقع قرب قلعة مهملة تسمى «خان البير» في اليوم التالي وهو ٢٣ تشرين الثاني رحلنا مع الفجر فوصلنا إلى خرائب بابل قبل منتصف النهار بساعة فنصبنا الخيام وجلسنا لتناول الغداء بهدوء قبل زيارة الأطلال.
وصف آثار بابل
تجولت بين الآثار وطفت بها من مختلف أطرافها ، وصعدت فوق أعلى موقع ، ودخلت في كل مكان ونظرت كل شيء وأعدت النظر. وهذه هي انطباعاتي عن مشاهداتي :
في وسط سهل واسع جدا على بعد نصف ميل من الفرات الذي يجري غربا في ذلك الموضع نرى إلى اليوم فوق سطح الأرض بقايا بناء عظيم آل إلى الخراب يكوّن مجموعة هائلة ، لا يظهر أكان هكذا منذ الأول كما أظن شخصيا أم أن الخراب جعله هكذا فبان بصورة تل. مهما يكن فهو لا يشير إلى شيء. إنه مربع الشكل له مظهر البرج أو الهرم ، أوجهه تقابل جهات الأرض الأربع. ويبدو لي أن القسم الممتد من الشمال إلى الجنوب هو أطول قليلا من القسم الآخر الممتد من الشرق إلى الغرب ، ولعل الخراب فعل ذلك. يبلغ طول محيطه الكلي نحو ألف وخمسمائة خطوة تقريبا أي ما يقارب النصف ميل.
إن هذا القياس إضافة إلى الموقع وشكل البناء يتفق مع ما كتبه «سترابون» في وصف الهرم المشيد على ضريح «بيلوس» ومع ما ورد في الكتاب المقدس (١) باسم «أرض نمرود» في بلاد بابل كما يطلق عليها إلى الآن.
كيف كان هذا البناء الجميل في وقته؟
إن هيرودوتس (٢) الكاتب والمؤرخ القديم يصفه بدقة فيقول ، إن البناء
__________________
(١) يعتمد صاحبنا في كثير من أخباره على التوراة ، وهنا ينوه بما جاء في سفر التكوين ١٠ و ١١.
(٢) مؤرخ يوناني شهير (نحو ٤٨٠ ـ ٤٢٥ ق. م) يلقب بأبي التاريخ.