القوم في تلك المدينة حتى أغار الأكراد عليها فسرقوا أموالهم فهرب الكثيرون من أمامهم.
إما من حيث الانتماء الديني فوالدها من السريان المشارقة ، وهم النساطرة لأن أجدادهم اتبعوا «نسطور» (١) ويطلق هذا الاسم اليوم على الشعب برمته أكثر مما يطلق على الفرقة الدينية ، وهؤلاء لا يفقهون اليوم شيئا عن أصولهم التاريخية فهم نساطرة بالاسم فقط ، وكل ما هناك ان بعض المتفقهين أو رجال الدين يعرفون شيئا بسيطا من أصل الطائفة فأكبر ضلال بينهم هو الجهل.
وقد فهمت أن أسرة زوجتي كانت واحدة من بين الأسر التي اجتمعت في عهد أجدادها فتبعت أحد البطاركة الكاثوليك (٢) الذين أرسلتهم روما إلى الشرق لرعاية طائفتهم وأعتقد أن أول هؤلاء البطاركة كان على عهد البابا «يوليوس الثالث» (٣) وقد رأيت فيهم ميولا إلى عاداتنا مما شجعني على الزواج وأبعد عن فكري كل تذبذب وتردد ، بل زاد من أملي بأن يكون هذا الزواج واسطة للخير.
تنتمي أم معاني إلى الطائفة الأرمنية. وأصلها من «آمد» الواقعة في شمال بين النهرين وهي حاضرة المدن في تلك البقعة لكن حماتي لا تتكلم الأرمنية ولا تفهم منها شيئا على الإطلاق فاللغة العربية هي السائدة في تلك المناطق ، فهي تحسن العربية وتتبع زوجها في الممارسات الدينية والاحتفالات بالأعياد والصيام. فالعادة الجارية في هذه البلاد أن المرأة تتبع رب الأسرة في هذه الممارسات.
__________________
(١) بطريرك القسطنطينية (٤٢٨ ـ ٤٣٠) له اجتهاد خاص في علم اللاهوت المسيحي ، وله أتباعه. لا يتفق والمذهب الكاثوليكي الذي ينتمي إليه السائح.
(٢) ينوه بالبطريرك مار شمعون يوحنان سولاقا (ت ١٥٥٥) وهو عراقي ذهب إلى روما لأمور دينية ، ولم ترسله روما كما يدعي السائح. انظر : رافائيل ربان : شهيد الاتحاد والبطريرك شمعون يوحنان سولاقا الكلداني (الموصل ـ ١٩٥٥) وانظر كذلك :
G. Beltrami, La chiesa caldea nel secolo dell\'unione, Roma, ٣٣٩١
(٣) البابا يوليوس الثالث (١٥٥٠ ـ ١٥٥٥).