مغامرة عاطفية في بغداد
بقي علي الآن أن أحدثك في موضوع آخر هو مغامرتي العاطفية البغدادية ، لأنها حدثت في منطقة بغداد ، وهي تختلف عن مغامراتي الرومانية أو غيرها. وأنا أسرد لسيادتك أمورا جدية ، فرسائلنا لا تقبل المزاح والأمور التافهة ..
سأقص عليك خبرا عن السيدة التي أصبحت الآن زوجتي ، وهي التي نوهت بها في سفراتي القصيرة الأخيرة.
إنها من بلاد آشور ، دمها دم الكلدان القدماء ، سليلة أمة عريقة ، عمرها ثمانية عشر ربيعا أو نحو ذلك تتحلى بصفات حميدة غير عادية وبمواهب طبيعية عالية ، جمالها معقول ولا أريد المبالغة ، إذ ليس من صالح الأزواج الإكثار من وصف زوجاتهم ، ولو لا ذلك لأطنبت في وصفها. فجمالها يقارن بجمال هذه البلاد. ولونها حار فهي سمراء أكثر من بيضاء ، شعرها أسود ، أهدابها مقوسة بلطف ، أجفانها طويلة كأهل الشرق عامة ومكحلة بالإثمد كما ذكر في كتب العهد القديم (١) وفي المصادر القديمة ومنها ما ذكره «زينوفون».
ظلال العينين توحي بالوقار ، عيناها المكحلتان تشعان نورا وبهجة وتتحركان بحشمة وجلال ، جسمها متكامل فهي معتدلة القوام سريعة الخطوات نبيلة في مشيتها حلوة في حديثها ، جميلة في ضحكتها. أسنانها صغيرة بيضاء. إنها بكلمة واحدة تتصف بكل ما كنت أتمناه في المرأة. اسمها «معاني» ترعرعت منذ نعومة أظفارها في بغداد ، لكنها ولدت في «ماردين» (٢) وهي مدينة تقع في أعالي ما بين النهرين ، واسم عائلتها «جويريدة» (٣) وكان أبناء عائلتها من أكابر
__________________
(١) أرميا ٤ : ٣٠ ؛ حزقيال ٢٣ : ٤٠.
(٢) قلعة معروفة واقعة على قمة جبل ذكرها الحموي (معجم البلدان ٥ : ٣٩) لا تزال قائمة كانت مركزا مهما للنصارى حتى الحرب العالمية الأولى فأفل نجمهم وهاجر معظمهم إلى بلاد الله الواسعة.
(٣) انظر الملحق رقم ٥.