أن أصحابه سيحدثون بعده ويرتدون على أدبارهم فهل يمكن لعاقل بعد هذا أن يصدق بعدالة الصحابة كلهم أجمعين ( أكتعين أبصعين ) على ما يقول به أهل السنة والجماعة ، والذي يقول هذا القول فإنه يخالف العقل والنقل ولا يبقى للباحث أي مقاييس فكرية يعتمدها للوصول إلى الحقيقة.
* ٤ ـ شهادة الشيخين على نفسيهما
أخرج البخاري في صحيحه في باب مناقب عمر بن الخطاب قال : لما طعن عمر جعل يألم فقال له ابن عباس وكأنه يجزعه : ياأمير المؤمنين ولئن كان ذاك لقد صحبت رسول الله فأحسنت صحبته ثم فارقته وهو عنك راض ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته ثم فارقته وهو عنك راض ثم صحبت صحابتهم فأحسنت صحبتهم ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون. قال : أما ما ذكرت من صحبة رسول الله ورضاه فإنما ذاك من من الله تعالى من به علي ، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذاك من من الله جل ذكره من به علي ، وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك والله لو أن لي طلاع الارض ذهبا لافتديت به من عذاب الله عزوجل قبل أن أراه (١).
وقد سجل التاريخ له أيضا قوله : ليتني كنت كبش أهلي يسمنونني مابدا لهم حتى إذا كنت أسمن ما أكون زارهم بعض من يحبون فجعلوا بعضي شواء وقطعوني قديدا ثم أكلوني وأخرجوني عذرة ولم أكن بشرا (٢) ...
كما سجل التاريخ لابي بكر مثل هذا ، قال لما نظر أبوبكر إلى طائر على شجرة : طوبى لك ياطائر تأكل الثمر وتقع على الشجر وما من حساب ولا عقاب عليك ، لوددت أني شجرة على جانب الطريق مر علي جمل فأكلني وأخرجني في بعره ولم أكن من البشر (٣).
__________________
( ١ ) صحيح البخاري ج ٢ ص ٢٠١.
( ٢ ) منهاج السنة لابن تيمية ج ٣ ص ١٣١. حلية الاولياء لابي نعيم ج ١ ص ٥٢.
( ٣ ) تاريخ الطبري ص ٤١. الرياض النضرة ج ١ ص ١٣٤. كنز العمال ص ٣٦١. منهاج السنة لابن تيمية ، ج ٣ ص ١٢٠.