فقول الشيعة إذن هو الصحيح في هذا الموضوع ، لانه ثبت وجود النص على خلافة علي عند السنة أنفسهم ، وقد تأولوه حفاظا على كرامة الصحابة ، فالمنصف العادل لا يجد مناصا من قبول النص وبالاخص إذا عرف ملابسات القضية (١).
وهذا الموضوع أيضا مجمع على صحته من الفريقين فلا يسع المنصف العاقل إلا أن يحكم بخطأ أبي بكر إن لم يعترف بظلمه وحيفه على سيدة النساء. لان من يتتبع هذه المأساة ويطلع على جوانبها يعلم علم اليقين أن أبا بكر تعمد إيذاء الزهراء وتكذيبها لئلا تحتج عليه بنصوص الغدير وغيرها على خلافة زوجها وابن عمها علي ونجد قرائن عديدة على ذلك ، منها ما أخرجه المؤرخون من أنها ـ سلام الله عليها ـ خرجت تطوف على مجالس الانصار وتطلب منهم النصرة والبيعة لابن عمها ، فكانوا يقولون : « يا ابنة رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ، ولو أن زوجك وابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به ، فيقول علي كرم الله وجهه : أفكنت أدع رسول الله صلىاللهعليهوآله في بيته لم أدفنه ، وأخرج أنازع الناس سلطانه؟ فقالت فاطمة : ما صنع أبوالحسن إلا ما كان ينبغي له ، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم (٢).
ولو كان أبو بكر مخطئا عن حسن نية أو على اشتباه لاقنعته فاطمة الزهراء ولكنها غضبت عليه ولم تكلمه حتى ماتت ، لانه رد في كل مرة دعواها ولم يقبل شهادتها ولا شهادة زوجها ولكل هذا اشتد غضبها عليه حتى أنها لم تأذن له بحضور جنازتها حسب وصيتها لزوجها الذي دفنها في الليل سرا (٣).
وعلى ذكر دفنها ـ سلام الله عليها ـ سرا في الليل فقد سافرت خلال سنوات البحث إلى المدينة المنورة لاطلع بنفسي على بعض الحقائق ، واكتشفت :
أولا : أن قبر الزهراء مجهول لا يعرفه أحد فمن قائل بأنه في الحجرة النبوية ومن
__________________
( ١ ) راجع : السقيفة والخلافة لعبد الفتاح عبد المقصود ، والسقيفة للشيخ محمد رضا المظفر.
( ٢ ) تاريخ الخلفاء لابن قتيبة ج ١ ص ١٩. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ( بيعة أبي بكر ).
( ٣ ) صحيح البخاري ج ٣ ص ٣٦ صحيح مسلم ج ٢ ص ٧٢ باب لا نورث ما تركناه صدقة.