نعترف بأن الصحابة بشر مثلنا ، لهم أهواء وميول ويخطئون ويصيبون.
ولا يزول عجبي إلا عندما أقرأ كتاب الله وهو يروي لنا قصص الانبياء عليهم الصلاة والسلام ، وما لاقوه من شعوبهم في المعاندة رغم ما يشاهدونه من معجزات .. ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ).
لقد ضرت أدرك خلفية موقف الشيعة من الخليفة الثاني الذي يحملونهم مسؤولية الكثير من المآسي التي وقعت في حياة المسلمين منذ رزية يوم الخميس التي حرمت الامة من كتاب الهداية الذي أراد الرسول ( ص ) أن يكتبه لهم. والاعتراف الذي لا مناص منه هو أنّ العاقل الذي عرف الحقّ قبل معرفة الرّجال يلتمس لهم في ذلك عذرا أما الذين لا يعرفون الحقّ الاّ بالرّجال فلا حديث لنا معهم.
مجمل هذه القصة : أنه صلىاللهعليهوآله ، جهز جيشا لغزو الروم قبل وفاته بيومين ، وأمر على هذه السرية أسامة بن زيد بن حارثة وعمره ثمانية عشر عاما ، وقد عبأ صلىاللهعليهوآله في هذه السرية وجوه المهاجرين والانصار كأبي بكر وعمر وأبي عبيدة وغيرهم من كبار الصحابة المشهورين فطعن قوم منهم في تأمير أسامة ، وقالوا : كيف يؤمر علينا شاب لا نبات بعارضيه ، وقد طعنوا من قبل في تأمير أبيه ، وقد قالوا في ذلك وأكثروا النقد ، حتى غضب صلىاللهعليهوآله غضبا شديدا مما سمع من طعنهم وانتقادهم ، فخرج صلىاللهعليهوآله معصب الرأس محموما ، يتهادى بين رجلين ورجلاه تخطان في الارض بأبي هو وأمي ، من شدة ما به من لغوب ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
« أيها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأمير أسامة ، ولئن طعنتم في تأميري أسامة فقد طعنتم في تأميري أبيه من قبله ، وأيم الله إنه كان خليقا بالامارة ، وإن ابنه من بعده لخليق بها .. » (١).
__________________
( ١ ) طبقات ابن سعد ج ٢ ـ ص ١٩٠ ـ تاريخ ابن الاثير ج ٢ ـ ص ٣١٧.
السيرة الحلبية ج ٣ ـ ص ٢٠٧ ـ تاريخ الطبري ج ٣ ـ ص ٢٢٦.