هذا ما أعرفه من علماء أهل السنة والجماعة ، وذاك ما سمعته من علماء الشيعة في تقسيم الصحابة ، وهذا ما دعاني إلى أن أجعل بحثي يبدأ بهذه الدراسة المعمقة حول الصحابة وعاهدت ربي ـ إن هداني ـ أن أتجرد من العاطفة لاكون حياديا ، موضوعيا ولاسمع القول من الطرفين فأتبع أحسنه ، ومرجعي في ذلك :
١ ـ القاعدة المنطقية السليمة ؛ وهي أن لا أعتمد إلا ما اتفقوا عليه جميعا بشأن التفسير لكتاب الله والصحيح من السنة النبوية الشريفة.
٢ ـ العقل ؛ فهو أكبر نعمة من نعم الله على الانسان ؛ إذ به كرمه وفضله على سائر مخلوقاته ، ألا ترى أن الله سبحانه عندما يحتج على عباده يدعوهم للتعقل بقوله :
« أفلا يعقلون ، أفلا يفقهون ، أفلا يتدبرون ، أفلا يبصرون الخ ... ».
وليكن إسلامي مبدئيا إيمانا بالله وملائكته وكتبه ورسله وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن الدين عند الله الاسلام ، ولا أعتمد في ذلك على أي واحد من الصحابة مهما كانت قرابته ومهما علت منزلته فأنا لست أمويا ولا عباسيا ولا فاطميا ، ولا سنيا ولا شيعيا وليست لي أي عداوة لابي بكر ولا لعمر ولا لعثمان ولا لعلي ولا حتى لوحشي قاتل سيدنا الحمزة مادام أنه أسلم والاسلام يجب ما قبله وقد عفا عنه رسول الله صلىاللهعليهوآله .
وما دمت أقحمت نفسي في هذا البحث بغية الوصول للحقيقة وما دمت قد تجردت من كل الافكار المسبقة بكل إخلاص فأنا أبدأ هذا البحث على بركة الله في مواقف الصحابة.
مجمل القصة ، أن رسول الله صلىاللهعليهوآله خرج في السنة السادسة للهجرة يريد العمرة مع ألف وأربعمائة من أصحابه فأمرهم أن يضعوا سيوفهم في القرب ، وأحرم هو وأصحابه بذي الحليفة وقلدوا الهدي ليعلم قريشا أنه إنما جاء زائرا معتمرا وليس محاربا ، ولكن قريشا بكبريائها خافت أن يسمع العرب بأن محمدا دخل عنوة إلى مكة وكسر شوكتها ، فبعثوا إليه بوفد يرأسه سهيل بن عمرو بن عبد ود العامري وطلبوا منه أن يرجع في هذه المرة من حيث أتى على أن يتركوا له مكة في العام القادم ثلاثة أيام ، وقد اشترطوا عليه