إلى علي(١). أم لانها حاربته حربا لا هوادة فيها وأولاده من بعده حتى اعترضت جنازة الحسن سيد شباب أهل الجنة ومنعت أن يدفن بجانب جده رسول الله قائلة : لا تدخلوا بيتي من لا أحب ونسيت أو تجاهلت قول الرسول فيه وفي أخيه : « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة » ، أو قوله : « أحب الله من أحبهما وأبغض الله من أبغضهما » ، أو قوله : « أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم » ؛ وغير ذلك كثير لست في معرض الكلام عنه ... كيف لا وهما ريحانتاه من هذه الامة.
ولا غرابة فقد سمعت في حق علي أضعاف ذلك ولكنها ورغم تحذير النبي صلىاللهعليهوآله لها ، أبت إلا محاربته وتأليب الناس عليه وإنكار فضله وفضائله. ومن أجل ذلك أحبها الامويون وأنزلوها تلك المنزلة العظيمة التي تقصر عنها المنازل ورووا في فضلها ما ملأ المطامير وسارت به الركبان حتى جعلوها المرجع الاكبر للامة الاسلامية لان عندها وحدها نصف الدين.
ولعل نصف الدين الثاني خصوا به أبا هريرة الذي روى لهم ما يشتهون فقربوه وولوه إمارة المدينة وبنوا له قصر العقيق بعد ماكان معدما ، ولقبوه براوية الاسلام. وبذلك سهل على بني أمية أن يكون لهم دين كامل جديد ليس فيه من كتاب الله وسنة رسوله إلا ما تهواه أنفسهم ويتقوى به ملكهم وسلطانهم وخليق بهذا الدين أن يكون لعبا وهزوا مليئا بالمتناقضات والخرافات ، وبذلك طمست الحقائق وحلت محلها الظلمات ، وقد حملوا الناس عليها وأغروهم بها حتى أصبح دين الله عندهم مهزلة من المهازل لا يقيمون له وزنا ولا يخافون من الله كخوفهم من معاوية. وعندما نسأل بعض علمائنا عن حرب معاوية لعلي وقد بايعه المهاجرون والانصار ، تلك الحرب الطاحنة التي سببت انقسام المسلمين إلى سنة وشيعة وانصدع الاسلام ولم يلتئم حتى اليوم ، فإنهم يجيبون كالعادة وبكل سهولة قائلين : إن عليا ومعاوية صحابيان جليلان اجتهدا فعلي اجتهد وأصاب فله أجران أما معاوية فاجتهد وأخطأ وله أجر واحد. وليس من حقنا نحن أن نحكم لهم أو عليهم وقد قال الله تعالى : ( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ).
__________________
(١ ) صحيح البخاري ج ٣ ص ٦٨ باب مرض النبي ووفاته.