أحدهما قبل الآخر» (١).
ولنا أن نعلق على ذلك : بأنه بعد نهي النبي «صلى الله عليه وآله» لسلمان عن ذلك ؛ فلا يعقل أن يقدم على مخالفة النبي «صلى الله عليه وآله» ، وسلمان هو من نعرف في انقياده ، والتزامه المطلق بأوامر الله سبحانه ورسوله «صلى الله عليه وآله» ، فلا يمكن أن نصدق : أنه قد خالف أمر رسول الله «صلى الله عليه وآله».
وكيف لم يتدخل في غرس مائتين وتسع وتسعين ، وتدخل في خصوص هذا الواحدة دون سواها؟!
هذا بالإضافة إلى صحة سند ما روي عن عمر ، وكثرة الناقلين له ، وعدم نقل ذلك عن سلمان إلا عند ابن سعد في طبقاته.
وإذا كان الراجح ـ إن لم يكن هو المتعين ـ أن سلمان لم يتدخل في هذا الأمر ، ولا خالف النهي المتوجه إليه من قبل رسول الله «صلى الله عليه وآله».
وإذا كان النهي إنما توجه إلى سلمان ، لا إلى عمر ، فإن إقدام عمر على هذا الأمر ، يصبح أكثر معقولية ، وأقرب احتمالا.
فهو قد أراد أن يجرب حظه في هذا الأمر أيضا ، ولعله يريد إظهار زمالته للرسول «صلى الله عليه وآله» ، وهو القائل : «أنا زميل محمد» (٢) ، فكما أن النخل يثمر على يد رسول الله «صلى الله عليه وآله» ؛ فإنه يثمر على يده أيضا وكما أن الرسول يقوم ببعض الأعمال ؛ فإن غيره أيضا قادر على أن يقوم بها ، فليس ثمة فرق كبير فيما بينهم وبينه «صلى الله عليه وآله» ، على حد
__________________
(١) نفس الرحمن ص ١٦.
(٢) راجع : تاريخ الأمم والملوك للطبري ج ٣ ص ٢٩١ طبع الإستقامة.