وأوائله؟. فالإغراق في تشبيه طيب رائحة فم امرأة عند تغير الأفواه بعد النوم بالرائحة الناشئة من اختلاط رائحة الخمر المشوبة بالماء النقي برائحة الخزامى والبخور ـ أمر غير مستحيل عقلا لكنه ممتنع عادة.
ومن الإغراق في الوصف أيضا بغير أداة تقريب قول الشاعر :
قد سمعتم أنينه من بعيد |
|
فاطلبوا الشخص حيث كان الأنين |
فوصف الشخص بأنه لا يرى لشدة نحوله إلا بأنين أو تأوه إغراق في الوصف ممتنع عادة ، لكنه غير مستحيل عقلا.
ونظير هذا المعنى قول ابن حجة الحموي :
وقد تجاوز جسمي حد كل ضنى |
|
وها أنا اليوم في الأوهام تخييل |
ونظيره أيضا قول شرف الدين عمر بن الفارض :
كأني هلال الشك لو لا تأوهي |
|
خفيت فلم تهد العيون لرؤيتي |
ومنه قول صفي الدين الحلي في وصف معترك :
في معرك لا تثير الخيل عثيره |
|
مما تروى المواضي تربه بدم |
فوصف المكان الذي يعترك فيه الفرسان بأن الخيل التي تحملهم وتعدو بهم هنا وهناك لا تثير غبارا فوقها لكثرة ما ارتوى به تراب المعترك من الدماء التي أراقتها السيوف المواضي ـ أقول هذا الوصف فيه إغراق شديد ، إذ لم تجر العادة أن ترتوي أرض معركة بالدم إلى هذا الحد ، لكنه أمر غير مستحيل عقلا.
* * *
من كل ما تقدم يتضح أن الإغراق ، وهو الوصف الممكن وقوعه عقلا لا عادة نوعان : إغراق في الوصف تدخل عليه أداة تقربه إلى