ولو أنه قال حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بكم بريح طيبة وفرحتم بها ، وساق الخطاب معهم إلى آخر الآية ، لذهبت تلك الفائدة التي أنتجها خطاب الغيبة» (١).
ومثل ابن المعتز كذلك لانصراف المتكلم عن الإخبار إلى المخاطبة ، أو بعبارة أخرى لانصرافه عن الغيبة إلى الخطاب بقول جرير :
طرب الحمام بذي الأراك فشاقني |
|
لا زلت في علل وأيك ناضر (٢) |
فجرير قد أخبر عن الغائب في الشطر الأول وهو «الحمام» ، ولكنه في الشطر الثاني انصرف عن الاستمرار في خطاب هذا الغائب والتفت إلى مخاطبته بقوله «لا زلت في علل وأيك ناضر» لزيادة فائدة في المعنى هي الدعاء للحمام.
أما النوع الثالث من الالتفات عند ابن المعتز وهو انصراف المتكلم عن معنى يكون فيه إلى معنى آخر فقد مثل له بقول أبي تمام :
وأنجدتمو من بعد اتهام داركم |
|
فيا دمع أنجدني على ساكني نجد |
فالشاعر ، وهو المتكلم هنا ، يخبر من يخاطبهم بأنه يعلم أنهم قد اتخذوا دارهم في نجد بعد أن كانت في تهامة ، ثم ينصرف أو يلتفت بعد ذلك إلى معنى آخر يتمثل في دعاء الدمع ومطالبته بأن يسعفه على ساكني نجد.
* * *
وجاء قدامة بن جعفر بعد ابن المعتز فعد «الالتفات» من نعوت
__________________
(١) المثل السائر ص ١٧٠.
(٢) العلل بفتح العين واللام : الشرب بعد الشرب تباعا ، والأيك : شجر ، الواحدة أيكة ، ويقال شجر من الأراك.