المعاني وعرّفه بقوله : «الالتفات أن يكون الشاعر آخذا في معنى فيعترضه إما شك فيه أو ظن بأن رادا يرد عليه قوله ، أو سائلا يسأله عن سببه فيعود راجعا إلى ما قدمه ، بمعنى يلتفت إليه بعد فراغه ، فإما أن يذكر سببه أو يجلي الشك فيه» (١).
ومن أمثلة ذلك عنده قول المعطل الهذلي :
تبين صلاة الحرب منا ومنهمو |
|
إذا ما التقينا والمسالم بادن (٢) |
فقوله : «والمسالم بادن» رجوع عن المعنى الذي قدمه حين بيّن أن علامة «صلاة الحرب» من غيرهم أن المسالم يكون بادنا والمحارب ضامرا.
ومن أمثلته أيضا قول الرماح بن ميادة :
فلا صرمه يبدو وفي اليأس راحة |
|
ولا وصله يبدو لنا فنكارمه (٣) |
فكأنه يقول : «وفي اليأس راحة» والتفت إلى المعنى لتقدير أن معارضا يقول له : وما تصنع بصرمه أي هجره؟ فيقول مبينا علة ما يرجوه من انكشاف صرمه وهجره : لأنه يؤدي إلى اليأس ، وفي اليأس راحة.
* * *
ومن يقارن مفهوم «الالتفات» عند ابن المعتز وقدامة ، ثم يتابع مفهومه عند غيرهم من أمثال أبي هلال العسكري ، وابن رشيق ، وفخر الدين الرازي والسكاكي ، يجد أن منهم من يستوحي مفهوم الالتفات عند
__________________
(١) كتاب نقد الشعر لقدامة ص ١٠٦.
(٢) تبين : تستبين صلاة الحرب بضم الصاد : الذين يقاسون حرها وشدتها وأهوالها جمع صال ، مثل : قاض وقضاة.
(٣) الصرم بفتح الصاد : ضد الوصل وهو الهجر والصد.