فيقول : أنت أحسنت إلى قوم أراك اصطفيتهم فمدحوك ، وأنا أحسن إليّ قوم فمدحتهم ، فكما أن مدح أولئك لك لا يعد ذنبا ، فكذلك مدحي لمن أحسن إليّ لا يعد ذنبا.
ففي المذهب الكلامي قضايا ودعاوى يدافع عنها بالمنطق والجدل ، والحجج والأدلة المقنعة ، كما رأينا.
* * *
وممن جاءوا بعد القزويني وعرضوا للمذهب الكلامي ابن حجة الحموي أحد علماء وأدباء القرن التاسع الهجري.
ففي مستهل حديثه عنه يقول : «المذهب الكلامي نوع كبير نسبت تسميته إلى الجاحظ. وهو في الاصطلاح أن يأتي البليغ على صحة دعواه وإبطال دعوى خصمه بحجة قاطعة عقلية تصح نسبتها إلى علم الكلام ، إذ علم الكلام عبارة عن إثبات أصول الدين بالبراهين العقلية القاطعة».
ثم يستطرد إلى الرد على قول ابن المعتز بأنه لا يعلم ذلك في القرآن ، يعني المذهب الكلامي ، فيقول ابن حجة : «وليس عدم علمه مانعا علم غيره ، إذ لم يستشهد على هذا المذهب الكلامي بأعظم من شواهد القرآن ، وأصح الأدلة في شواهد هذا النوع وأبلغها قوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا ،) هذا دليل قاطع على وحدانيته جل جلاله ، وتمام الدليل أن تقول : لكنهما لم تفسدا ، فليس فيهما آلهة غير الله».
ومن أدلته أيضا عنده قوله صلىاللهعليهوسلم : «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا» ، وتمام الدليل أن يقال : لكنكم ضحكتم كثيرا وبكيتم قليلا فلم تعلموا ما أعلم. فهذان قياسان شرطيان من كلام الله وكلام نبيه.