ترتيب اللف. ومن هذا الضرب ما يكون معكوس الترتيب ، كقول ابن حيوس :
كيف أسلو وأنت حقف وغصن |
|
وغزال لحظا وقدا وردفا (١) |
فاللحظ للغزال ، والقد للغصن ، والردف للحقف.
وكقول الفرزدق :
لقد خنت قوما لو لجأت إليهمو |
|
طريد دم أو حاملا ثقل مغرم |
لألفيت فيهم معطيا ومطاعنا |
|
وراءك شزرا بالوشيج المقوّم (٢) |
ومنه ما يكون مختلطا مشوشا ، ولهذا يسمى اللف والنشر المشوش ، نحو : «هو ليل وورد ومسك خدا وأنفاسا وشعرا».
* * *
والقسم الثاني من اللف والنشر ما يكون ذكر المتعدد فيه على الإجمال ، نحو قوله تعالى : (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى). فإن الضمير في (قالُوا) لأهل الكتاب من اليهود والنصارى ، فذكر الفريقان على وجه الإجمال بالضمير العائد إليهما ، ثم ذكر ما لكل منهما ، أي : قالت اليهود : لن يدخل الجنة إلا من كان هودا ، وقالت النصارى : لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى.
فلف بين القولين إجمالا ثقة بقدرة السامع على أن يرد إلى كل فريق قوله ، وأمنا من الالتباس ، وذلك لعلمه بالتعادي بين الفريقين وتضليل كل واحد منهما لصاحبه بدعوى أن داخل الجنة هو لا صاحبه. وهذا
__________________
(١) الحقف بكسر الحاء : الرمل العظيم المستدير يشبه به الكفل في العظم والاستدارة.
(٢) الوشيج : شجر الرماح ، وقيل : هي عامة الرماح واحدتها وشيجة ، وقيل : هو من القنا أصلبه.