لكالمرتجي ظل الغمامة كلما |
|
تبوأ منها للمقيل اضمحلت |
كأني وإياها سحابة ممحل |
|
رجاها فلما جاوزته استهلت |
فإن سأل الواشون : فيم هجرتها؟ |
|
فقل : نفس حر سلّيت فتسلت (١) |
وممن مالوا إلى اللزوم من المتقدمين أيضا عبد الله بن الزبير الأسدي ، وذلك كقوله من قصيدة في مدح عمرو بن عثمان بن عفان :
سأشكر عمرا ما تراخت منيتي |
|
أيادي لم تمنن وإن هي جلت (٢) |
فتى غير محجوب الغنى عن صديقه |
|
ولا مظهر الشكوى إذا النعل زلت (٣) |
رأى خلّتي من حيث يخفي مكانها |
|
فكانت قذى عينيه حتى تجلت (٤) |
فاللزوم في شعر كثير عزة وابن الزبير الأسدي هو في التاء واللام المشددة.
* * *
والتزام ما لا يلزم لدى المتقدمين كما يبدو من شعرهم يأتي عفو الخاطر غير مقصود ولا متعمد ، ولذلك لا يرى عليه من أثر الكلفة أو الصنعة شيء.
أما المتأخرون فتوسعوا فيه وأكثروا منه ، ومنهم من تعمده وقصد إليه قصدا ، كأنما يريد أن يدل بذلك على مقدرته في النظم وسعة إحاطته باللغة ومفرداتها.
ومن أولئك الشعراء أبو العلاء المعري فله في هذا النوع من الشعر
__________________
(١) أمالي القالي ج ٢ ص ١٠٧.
(٢) لم تمنن : أي لم تقطع ولم تخلط بمنة.
(٣) إذا النعل زلت : زلة القدم والنعل كناية عن نزول الشر والمحنة.
(٤) خلتي : الخلة بفتح الخاء : الخصاصة والفقر.