وهذا النوع من الكلام أخو السجع في المعادلة دون المماثلة ، لأن في السجع اعتدالا وزيادة على الاعتدال ، هي تماثل أجزاء الفواصل لورودها على حرف واحد.
وأما الموازنة ففيها الاعتدال الموجود في السجع ولا تماثل في فواصلها ، فيقال إذن : «كل سجع موازنة ، وليس كل موازنة سجعا ، وعلى هذا فالسجع أخص من الموازنة» (١).
ومما ورد من الموازنة في القرآن الكريم قوله تعالى : (وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ ، وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) فالمستبين والمستقيم موازنة ، لأنهما تساويا في الوزن دون التقفية.
ومنها كذلك قوله تعالى : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا ، كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ، أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا. فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا). فالموازنة هنا بين «عزا وضدا» وبين «أزا وعدا» فقد جاء كل زوج على وزن واحد ، وإن اختلفت أحرف التقفية أو المقاطع التي هي فواصلها. وأمثال هذا في القرآن كثير بل معظم آياته جارية على هذا النهج ، حتى إنه لا يكاد يخرج منه شيء من السجع والموازنة.
ومن أمثلة الموازنة شعرا قول ربيعة بن ذؤابة :
إن يقتلوك فقد ثللت عروشهم |
|
بعتيبة بن الحارث بن شهاب |
بأشدهم بأسا على أصحابه |
|
وأعزهم فقدا على الأصحاب |
فالبيت الثاني هو المختص بالموازنة فإن «بأسا» و «فقدا» على وزن واحد ، دون التقفية.
__________________
(١) المثل السائر ص ١١١.