المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الله تعالى بمقتضى غناه وجوده وكرمه ، شاء أن ينعم على ابن آدم من نعمه الجزيلة ، فأنعم عليه بأول نعمة الوجود وإخراجه من حيز العدم. ثم سخر له ما في الأرض جميعاً وجعله سيد هذه الكرة ، يتصرف في ترابها ومائها وجوها ، ويذل له كل ما عليها من حيوان ، ويخضع له نباتها ومعدنها وجميع كنوزها.
ثم أنعم عليه بالهداية إليه بإرسال الرسل وإنزال الكتب التي تضمن له رضى ربه وسعادة معاشه ومعاده إن أطاع الله.
وكان بعد هذا الإنعام الجزيل والهداية الواضحة الإختبار والإمتحان وهما لا يكونان إلا بالإبتلاء بنقص النعمة أو البلاء في نفس الانسان وماله.
وهنا يعرف الصابر المحتسب من الضجر الجازع.
وقد وعد سبحانه الصابرين بالأجر الجزيل ، ووعدهم بأن يوفيهم أجرهم بغير حساب ، وأعلمهم أنّه هو تعالى معهم إن صبروا.
قال الإمام الباقر عليهالسلام : إنما يبتلى المؤمن في الدنيا على قدر ، دينه ـ أو قال ـ على حسب دينه (١).
وقال الامام الصادق عليهالسلام : إن الله إذا أحب عبداً غته بالبلاء غتا (٢).
__________________
١ ـ الكافي ٢ : ١٩٧ / ٩ ، مشكاة الانوار : ٢٩٨.
٢ ـ الكافي ٢ : ١٩٧ / ٦.