ظهور غمامة للقوم العطاش ثم تفرقها وانكشافها وبقائهم متحيرين (باتصال) اى باعتبار اتصال فالباء ههنا مثلها فى قولهم التشبيه بالوجه العقلى الاعم اذ الامر المشترك فيه ههنا هو اتصال (ابتداء مطمع بانتهاء مؤيس).
وهذا بخلاف التشبيهات المجتمعة كما فى قولنا زيد كالاسد والسيف والبحر فان القصد فيها الى التشبيه لكل واحد من الامور على حدة حتى لو حذف ذكر البعض لم يتغير حال الباقى فى افادة معناه بخلاف المركب فان المقصود منه يختل باسقاط بعض الامور (والمتعدد الحسى كاللون والطعم والرائحة فى تشبيه فاكهة باخرى و) المتعدد (العقلى كحدة النظر وكمال الحذر واخفاء السفاد) اى نزو الذكر على الانثى (فى تشبيه طائر بالغراب و) المتعدد (المختلف) الذى بعضه حسى وبعضه عقلى (كحسن الطلعة) الذى هو حسى (ونباهة الشان) اى شرفه واشتهاره الذى هو عقلى (فى تشبيه انسان بالشمس) ففى المتعدد يقصد اشتراك الطرفين فى كل من الامور المذكورة ولا يعمد الى انتزاع هيئة منها تشترك هى فيها.
(واعلم انه قد ينتزع الشبه) اى التماثل يقال بينهما شبه بالتحريك اى تشابه ، والمراد به ههنا ما به التشابه اعنى وجه التشبيه (من نفس التضاد لاشتراك الضدين فيه) اى فى التضاد لكون كل منهما متضادا للآخر (ثم ينزل) التضاد (منزلة التناسب بواسطة تمليح) اى اتيان بما فيه ملاحة وظرافة.
يقال ملح الشاعر اذا اتى بشىء مليح.
وقال الامام المرزوقى فى قول الحماسى «اتانى من ابى انس وعيد ، فسلّ لغيظة الضحاك جسمى» ان قائل هذه الابيات قد قصد بها الهزؤ والتمليح.
واما الاشارة الى قصة او مثل او شعر فانما هو التلميح بتقديم اللام على الميم وسيجىء ذكره فى الخاتمة.
والتسوية بينهما انما وقعت من جهة العلامة الشيرازى رحمه الله تعالى وهو سهو (او تهكم) اى سخرية واستهزاء (فيقال للجبان ما اشبهه بالاسد وللبخيل انه هو حاتم) كل من المثالين صالح للتمليح والتهكم وانما يفرق بينهما بحسب المقام فان كان