القصد الى ملاحة وظرافة دون استهزاء وسخرية باحد فتمليح والا فتهكم وقد سبق الى بعض الاوهام نظرا الى ظاهر اللفظ ان وجه الشبه فى قولنا للجبان هو اسد وللبخيل هو حاتم هو التضاد المشترك بين الطرفين باعتبار الوصفين المتضادين.
وفيه نظر لانا اذا قلنا الجبان كالاسد فى التضاد اى فى كون كل منهما متضادا للاخر لا يكون هذا من التمليح والتهكم فى شىء كما اذا قلنا السواد كالبياض فى اللونية او فى التقابل ومعلوم انا اذا اردنا التصريح بوجه الشبه فى قولنا للجبان هو اسد تمليحا او تهكما لم يتأت لنا الا ان نقول فى الشجاعة.
لكن الحاصل فى الجبان انما هو ضد الشجاعة فنزلنا تضادهما منزلة التناسب وجعلنا الجبن بمنزلة الشجاعة على سبيل التمليح والهزؤ (واداته) اى اداة التشبيه (الكاف وكأن).
وقد تستعمل عند الظن بثبوت الخبر من غير قصد الى التشبيه سواء كان الخبر جامدا او مشتقا نحو كأن زيدا اخوك وكأنه قدم وكانك قلت وكأنى قلت (ومثل وما فى معناه) مما يشتق من المماثلة والمشابهة ومما يؤدى هذا المعنى (والاصل فى نحو الكاف) اى فى الكاف ونحوها كلفظ نحو ومثل وشبه بخلاف كأن وتماثل وتشابه (ان يليه المشبه به) لفظا نحو زيد كالاسد او تقديرا نحو قوله تعالى (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ) على تقدير او كمثل ذوى صيّب (وقد يليه) اى نحو الكاف (غيره) اى غير مشبه به (نحو (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ)) الاية اذ ليس المراد تشبيه حال الدنيا بالماء ولا بمفرد آخر يتمحل تقديره بل المراد تشبيه حالها فى نضارتها وبهجتها وما يتعقبها من الهلاك والفناء بحال النبات الحاصل من الماء يكون اخضر ناضرا شديد الخضرة ثم ييبس فتطيره الرياح كأن لم يكن ولا حاجة الى تقدير كمثل ماء لان المعتبر هو الكيفية الحاصلة من مضمون الكلام المذكور بعد الكاف واعتبارها مستغن عن هذا التقدير.
ومن زعم ان التقدير كمثل ماء وان هذا مما يلى الكاف غير المشبه به بناء على انه محذوف فقدسها سهوا بينا لان المشبه به الذى يلى الكاف قد يكون ملفوظا به وقد