ولا تخفف (١) الهمزة في أول الكلمة لقوّة (٢) المتكلم في الابتداء ، وتخفيفها (٣) بالحذف في : «ناس» أصله : أناس ، شاذ ، وكذلك في الله ، أصله : إله (٤) ، فحذفوا
______________________________________________________
(١) بوجه من وجوه التخفيف إذا وقعت في أول الكلمة ، أي : إذا ابتدأ بها ، وأما إذا وقعت الهمزة في أول الكلمة ولكن لم يبدأ بها بشيء قبلها جاز تخفيفها ، ولهذا جوّزوا تخفيف الهمزتين معا ، وثانيتهما في مثل (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) [محمد : ١٨] مع أن الثّانية وقعت في أول الكلمة.
اه فلاح.
(٢) قوله : (لقوة ... إلخ) ولأنه لو خففت وجعلت بين بين يقرب الهمزة المبتدأة من الساكن فكره أن يبتدأ بما يشبه الساكن ، ولما لم يجز بين بين وهو الأصل في تخفيف الهمزة كما مر حملوا الباقي عليه ، ولا يرد عليه نحو خذ أصله اؤخذ فخففت الهمزة بالحذف من أوله ؛ لأنه حذفت الهمزة الثّانية تخفيفا ، ثم استغني عن همزة الوصل فحذفت فلم تخفف الهمزة الأولى ، ولا نحو قل وأصله اقول لأنا نمنع أن أصله ذلك ؛ لأنه مأخوذ من تقول فحذفت حرف المضارعة وسكون اللام للجزم فصار قول فحذفت الواو للساكنين فصار قل فلم يوجد سبب وجود الهمزة وهو سكون القاف فلا يتحقق الهمزة ولا تخفيفها ، أو نقول : سلمنا أن أصله اقول لكن أعل بنقل حركة الواو إلى القاف وحذفت الواو لالتقاء الساكنين فاستغني عن همزة الوصل فحذفت لا على وجه التخفيف بل لعدم الاحتياج إليه كما ذكره الجاردبردي. اه شمس الدين.
تشريحه على ما قيل : إذا وقعت الهمزة في أول الكلمة لا تخفف بوجه من الوجوه المذكورة ؛ لأن الهمزة المبتدأة بها لو خففت لم يمكن التخفيف بإبدال الألف عنها لامتناع وقوع الألف في الابتداء ولا بإبدال الواو والياء عنها ؛ لأن الإبدال بهما لا يكون إلا إذا كانت ساكنة أو مفتوحة قبلها ضمة أو كسرة ، وكل ذلك منتف عند وقوع الهمزة ابتداء ولا بالحذف فإنه مشروط بما إذا تقدم بها ساكن ، وهو منتف فيما نحن بصدده ، ولا بجعلها بين بين لكراهتهم الابتداء بالساكن ؛ لأن همزة بين بين قريب من الساكن على مذهب البصريين ، وأما على مذهب الكوفيين فيلزم الابتداء بالساكن ؛ لأنها ساكنة عندهم. اه مولوي عبد الحكيم سيالكوني.
(٣) قوله : (وتخفيفها ... إلخ) جواب لما يقال : إن قولكم : ولا تخفف الهمزة في أول الكلمة غير صحيح إذ قد تخفف الهمزة في ناس أصله أناس وكذا في الله كما لا يخفى بأن التخفيف في هذين الموضعين شاذ لا يعتد به. اه أحمد رحمهالله.
(٤) قوله : (إله) اعلم أن إله فعال بمعنى مفعول من أله يأله بالفتح فيهما ، أي : عبد فمعنى إله مألوه معبود كقولنا : إمام بمعنى مؤتم به ، فعلى هذا في الألف واللام مذهبان أحدهما أن يكونا عوضين عن الهمزة المحذوفة ومع هذا يفيد التعريف أيضا ، وهو مذهب أبي علي النحوي ، واستدل عليه بكون همزته للقطع حالة النداء حيث يقال : يا ألله بالقطع ، وثانيهما أن ـ