وجعلت التاء علامة للمؤنث (١) في : «ضربت» لأن (٢) التاء من المخرج الثاني ، والمؤنث أيضا ثان (٣) في التخليق ، وهذه التاء ليست بضمير كما سيجيء.
وأسكنت (٤)
______________________________________________________
(١) قوله : (علامة ... إلخ) ليحصل الفرق بين فعل المذكر والمؤنث نحو ضرب وضربت ، كما جعلت علامة لها في الاسم نحو قائم وقائمة ولم يعكس الأمر كما لا يعكس في الاسم ؛ لأن المجرد أصل وذو الزيادة فرع وكذا المذكر أصل ، والمؤنث فرع ، فعين الأصل للأصل ، والفرع للفرع ، وأسكنت في الفعل فرقا بينه وبين ما كان في الاسم ، ولم يعكس لثقل الفعل وخفة الاسم. اه فلاح.
(٢) قوله : (لأن التاء ... إلخ) فإن قلت : هذا الدليل ليس بمستلزم لجعل التاء علامة للمؤنث على الخصوص فكما أن التاء في المخرج الثّاني فكذا حروف منه كالدال والذال وغيرهما كما لا يخفى ، فلا يتم التقريب ، فأي نكتة في اختيار ذلك من بينهم؟.
قلت : الأصل في الزيادة حروف العلّة لما مر إلا أن زيادتها ثمة غير ممكنة ، أمّا الواو فللالتباس بجمع المذكر ، وأمّا الألف فبالتثنية منه ، وأمّا الياء فباسم التفضيل المؤنث ، فخصوا التاء لذلك ؛ لأنها تبدل بالواو كثيرا ما في كلامهم نحو تراث وتجاه والأصل وراث ووجاه بخلاف غيرها ، فكانت أقرب إلى حرف العلّة بالنسبة إلى سائر الحروف من هذا المخرج ، فلهذا خصت لها ، هذا ما عندي والله تعالى أعلم. اه لمحرره.
(٣) قوله : (ثان في ... إلخ) فإن قيل : هذا الدليل ليس بتام ؛ لأنه أخصّ من المدلول ، بيانه أن جعل التاء علامة التأنيث مطلقا يعني في التأنيث للآدميين وغيرهم ، وإنما يثبت بهذا الدليل إذا ثبت أن كل مؤنث ثان في التخليق وذا مشكل ، ألا ترى أنهم يقولون : طلعت الشمس وربحت التجارة وأمثالهما ، ومعلوم أنه ليس للشمس والتجارة مذكر حتى كانت هذه الأشياء ثواني في التخليق؟.
قلت : تأنيث الآدميين أصل فإذا ثبت ذلك فيه استتبع غيره ليكون على وتيرة واحدة ؛ لأن ذلك مطلوب لهم.
ولا يخفى أن هذه مناسبة والمناسبة لا يطرد ، ألا ترى إلى تسمية القضايا مطلقا حملية مع أن في السوالب رفع الحمل على أن ليس كل مؤنث آدمي ثان في التخليق. اه ملا جلال.
(٤) قوله : (وأسكنت ... إلخ) لما فرغ من بيان فعل الواحد أراد الشروع في بيان الجمع المؤنث والواحد المخاطب والمخاطبة والمتكلم مطلقا ، ولم يتعرض إلى التثنية ؛ إذ حكمه كحكم الواحد. اه ح.
قوله : (وأسكنت ... إلخ) دفع لما يقال : إن الباء كانت متحركة في ضرب فلما أسكنت في ضربن ، أي : جمع المؤنث ، وضربت ، أي : الواحد المخاطب والمخاطبة والمتكلم منهما بأنه أسكنت ... إلخ. اه حنفية شرح مراح.