الإيرانيين المتفننين ضربوا بسهم وافر في هذا الميدان وتمكنوا من تحقيق ذلك في الأبنية التي أنشأوها إلى أبعد حد ، أمثال خلايا النحل والمقرنصات وما شابهها!! ومن الناس من يتصور أن الغرض من تلك المقرنصات ما يشبه خلايا النحل الظاهرة هي تزيين البناء فقط وأنها من خصائص الفن المعماري العربي ، في حين أن ذلك من سمات الفن الإيراني للعمارة وأن الإيرانيين يعملون ذلك للزينة ولإحكام الأبنية وتقويتها في الوقت عينه. فهذه الخلايا التي في بناء خان أرتمه لها علاقة وصلة بأقسامه ومرافقه الأخرى ، أي أنها لم توجد عبثا ولغرض الزينة حسب. فالمعمار الفنان استطاع بحذقه وطول باعه أن يوجد أمثال هذه الخلايا المتوالية وأن يصل بعضها ببعض بحنايا صغيرة. وبهذه الطريقة استطاع أن يوجد إيوانا مدورا يحيط بالبناية من مختلف جهاتها بعرض متر واحد وثلاثين سنتيمترا وأن يضع أمامها سياجا خشبيّا جميلا وغير ثقيل كيلا يؤثر في بقية أقسام البناية من حيث التوازن!!
والآجر المستعمل في بناء أعالي ومداخل هذا الخان يشبه الطابوق الذي أنشئت به مقبرة الست زبيدة ، وهو من النوع الذي كان يستعمل في بناء عمارات العهد السلجوقي في إيران.
ولخان أرتمه درج عريض ينتهي إلى سطحه الذي يعد أعلى أقسام الأبنية التي في بغداد اليوم. ومن الجدير بالذكر هنا أن أمثال هذا الدرج قليلة الوجود في الممالك الإسلامية لذلك يصبح لهذا الخان ميزة معمارية أخرى!
والواقع أنه لم يكن خان أرتمه وحده هو الذي أنشأه المعامير الإيرانيون الفنانون فحسب ، بل رأينا على مقربة من هذه البناية التاريخية العظيمة منارة جميلة ضخمة تسمى بمنارة سوق الغزل ، فهي أيضا من آثار المهندسين الإيرانيين ولها خصائص وسمات الفن الإيراني في القرن الثاني عشر. وعلى مسافة أبعد توجد مدرسة عتيقة (١) اتخذها الترك اليوم مخزنا للكمرك. وبناية هذه المدرسة جميلة جدّا وتزينها نقوش وكتابات كتبها خطاطون معروفون.
__________________
(١) تعني المدرسة المستنصرية. «المترجم»