تكفي لإطعام أهالي المدينة كلهم مدة طويلة في أوقات الحصار التي قد يتعرضون لها ، أو أزمان القحط والمجاعات التي كانت تهدد المدن القديمة الزمان.
ومن ناحية أخرى كان أهالي مدينة بابل كثيرين ، وكانت أراضيها بخلاف المعتاد في المدن الشرقية الأخرى ذات قيمة وأهمية بالغة لذلك نراهم يضطرون إلى إنشاء العمارات ذات الطبقات.
٢٤ ديسمبر :
ذهبت اليوم لزيارة بيرس نمرود «Birs» أو ما يسمى ببرج بابل. وإذا أردنا أن نصدق روايات التوراة التي ذكرت هذا البرج كثيرا في معرض تاريخ العبرانيين وردّت إليه السبب في تعدّد الألسن واختلافها وظهور النحو والصرف حق لنا أن ننزل عليه لعناتنا. إذ لم يستطع الإنسان أن يلم بدقائق علوم اللغة مهما بذل من جهد وتعب تلك العلوم القاصمة للظهور؟!
ومن العجيب حقّا ألا يكون هذا البرج المهدّم أقل مما سببت من تشتت اللغات واختلافها. فقد شيد ـ كما هو بيّن ـ بلبن وآجر على أحجام وأبعاد مختلفة وأن كلّا منها يعود إلى زمن تاريخي خاص!
وبعد أن مررنا (بمشهد علي) بلغنا طريق الحلة الرئيسية التي تقع في صحراء قاحلة لا نبت فيها ولا زرع. وعلى جانب من هذه الصحراء رأينا عدة خرائب يرجع عهدها إلى أزمان سحيقة وفي وسطها مرتفع أقامه ـ كما هو ظاهر ـ الإنسان بيديه ويشبه إلى حد بعيد تلّا أو هضبة. والواقع أن لهذه الخرائب في وسط هذه الصحراء منظرا يلفت إليه الأنظار من بعيد. وكلما تقرب الإنسان من هذا المرتفع رأى حجمه أكبر مما قبل رويدا رويدا ، حتى أن عينه تتعب في تقصي أجزائه ودقائقه؟!
على أي حال نحن نتقدم منه الآن وجيادنا التي أرهقها هطول الأمطار أمس وأتعبها سير اليوم ترتقي بصعوبة الكثبان المبعثرة هنا وهناك ، وأخيرا عبرنا تلا صناعيّا ووصلنا التل المعروف بتل إبراهيم ووقفنا أمام بناية كانت قد شيدت على