كما أنّ سجوده على التربة الحسينية واتخاذه لمسبحةٍ مصنوعة من تراب أرض الحسين وما شاكل لأمثلة على سعي الامام السجاد في تعميق ذكرى الحسين في القلوب عن مناقب آل طالب عن مصباح المتهجد قال : كان للإمام زين العابدين عليهالسلام خريطة فيها تربة الحسين فإذا قام إلى الصلاة تغير لونه فإذا سجد لم يرفع رأسه حتى يرفض عرقاً .
كما أنّ لبكائه على الحسين كما في بعض النصوص (٢٠) سنة وفي بعضها (٣٥) سنة وفي بعضها أربعين سنة وهو في الغالب صائماً نهاره قائماً ليله فإذا حضر الإفطار وجاء غلامه بطعامه وشرابه فيضَعه بين يديه فيقول كل يا مولاي فيقول قتل ابن رسول الله جائعاً قتل ابن رسول الله عطشاناً فلا يزال يكرر ذلك ويبكي حتى يبتل طعامه من دموعه ثم يمزج شرابه بدموعه فلم يزل كذلك حتى الحق بالله عزّ وجل .
وحدّث مولىً له أنه برز يوماً إلى الصحراء قال : فتبعته فوجدته قد سجد على حجارة خشنة فوقفت وأنا أسمع شهيقه وبكائه وأحصيت عليه ألف مرّة يقول لا إله إلّا الله حقاً حقاً لا إله إلّا الله تعبّداً ورقّا لا إله إلّا الله إيماناً وتصديقا .
ثم رفع رأسه من سجوده وأن لحنينه قد غمر بالماء من دموع عينيه فقلت يا سيدي أما أن لحزنك أن ينقضي ولبكائك أن يقل فقال لي ويحك أن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم كان نبى ابن نبي له اثني عشر ابناً فغيّب الله واحدً منهم فشاب رأسه من الحزن واحدودب ظهره من الغم وذهب بصره من البكاء وابنه حي في دار الدنيا وأنا رأيت ابي وأخي وسبعة عشر من أهل بيتي صرعى مقتولين فكيف ينقضي حزني ويقل بكائي (١) .
______________________
(١) اللهوف : ٨٨ .