واحد منهم أمام الامام فسأله عن مسألة فأجاب عليهالسلام عنها بلغته ، وبهر القوم وعجبوا ، والتفت الامام إلى عمرو فقال له : إن أنا أخبرتك أنّك ستبتلى في هذه الأيام بدم ذي رحم لك هل كنت مصدّقاً لي ؟ فقال : لا ، فإنّ الغيب لا يعلمه إلّا الله تعالى . وردّ الامام على مقالته أو ليس الله تعالى يقول ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ ) ، فرسول الله صلىاللهعليهوآله عند الله مرتضى ، ونحن ورثةُ ذلك الرسول الذي اطلعه الله على ما يشاء من غيبه ، فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، وإنّ الذي أخبرتك به يابن هداب لكائن إلى خمسة أيام وإن لم يصح في المدة فاني ... وإن صحّ فتعلم أنّك راد على الله ورسوله ، ثم أضاف الامام عليهالسلام قائلاً : « اما إنّك ستصاب ببصرك ، وتصير مكفوفاً ، فلا تبصر سهلاً ، ولا جبلاً وهذا كائن بعد أيام ، ولك عندي دلالة أُخرى ، انك ستحلف يميناً كاذبة فتضرب بالبرص ... » . وأقسم محمد بن الفضل بالله بأن ما أخبر به الامام قد تحقق .
ومن جملة ما أخبر به الامام الرضا عليهالسلام من المغيّبات ، روى محول السجستاني قال لما ورد البريد باشخاص الامام الرضا عليهالسلام إلى خراسان كنت أنا بالمدينة فدخل المسجد ليودّع قبر جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله فودعه مراراً وكان صوته يعلو بالبكاء والنحيب ، فتقدمت إليه ، وسلّمت عليه ، فردّ السلام وهنأته بما يصير إليه فقال عليهالسلام : « ذرني فاني أخرج من جوار جدي صلىاللهعليهوآله فأموت في غربة وادفن في جنب هارون » . قال محول فخرجت متبعاً طريق الامام حتى مات ودفن بـ ( طوس ) بجنب هارون .
وكان الامام الرضا عليهالسلام على علم لا يخامره أذى شك ان لا عودة له إلى أهله ووطنه ، فودّعهم الوداع الأخير ، وجميع عياله وأمرهم بالبكاء والنحيب عليه وهو يسمع ذلك ، ووزع عليهم اثني عشر ألف دينار وعرفهم أنه لا يرجع إليهم أبداً (١) .
______________________
(١) حياة الامام علي بن موسى الرضا عليهالسلام للعلامة باقر شريف القرشي .