التمايز بين العقلانيّات بكيفيّة ومدى تأثير العوامل المكوّنة للثقافة في تعريف العقل وفي تحديد طرق استخدامه ومجالاته وحدوده ..
ويقول أيضاً : إنّ واقع العقلانيّة العربيّة ليس التراث العقلانيّ العربي ، الحيّ أو الميّت ، وحده ، إنّما هو ذاك التراث القديم والحديث والممارسات الحاضرة للعقلانيّة على جميع مستويات الحياة الثقافيّة الاجتماعيّة في البلدان العربيّة .. إنّه التراث العقلاني العربي كما يعلن عن نفسه ، وكما نقرأه ونفسّره ونقيّمه ونستوعبه ونتجاوزه ، وهو في الوقت نفسه الممارسات التي نقوم بها نحن ، أفراداً وجماعات ومجتمعات ، لتطوير مفهوم العقل واستخدام العقل في مختلف الميادين النظريّة والعمليّة ..
إنّ مقاربة العقلانيّة العربيّة من زاوية الواقع والآفاق تجعل من جدليّة التراث والحاضر ـ التي هي في العمق جدليّة التراث والتغيير أو التراث والإبداع ـ جدليّة مركزيّة ، ولكن عندما ننتقل إلى تحليلها من زاوية الميادين والمستويات فإنّنا نجد أنفسنا مدفوعين إلى اعتماد معادلات متباينة لتلك الجدليّة وإلى التركيز على جدليّة اُخرى هي جدليّة النحن والآخرين في عالم اليوم وفي عالم الغد ، التي هي جدليّة المشاركة لجميع الشعوب في التفكير والعمل العقلانيّين لبناء عالم الإنسان الجديد ..
ولا شكّ في أنّ تناول واقع العقلانيّة العربيّة بهذا المعنى يتطلّب إسهامات كثيرة ، متعدّدة المناهج والاختصاصات ، من النفسانيّات والاجتماعيّات إلى الانثروبولوجيات والتربويّات ، مروراً بالسياسيّات