وإذا خفيت على الغنى فعاذر |
|
أن لا تراني مقلة عمياء |
إن عدت الفنون فهو منارها الذي يهتدى به ، أو الآداب فهو مؤمّلها الذي يتعلّق بأهدابه ، أو الكرم فهو بحره المستعذب النهل والعلل ، أو النسيم فهو حميدها الذي يدبّ منه نسيم البرء في العلل ، أو السياسة فهو أمبرها الذي تجمّ منه الاُسود في الأجم ، أو الرياسة فهو كبيرها الذي هاب تسلّطه سلطان العجم.
وكان الشاه عبّاس أضمر له السوء مراراً وأمر له حبل غيلته امراراً ، خوفاً من خروجه عليه ، وفرقاً من توجّه قلوب الناس إليه ، فحال دونه ذو القوّة والحول ، وأبى إلّا أن يتمّ عليه المنّة والطول ، ولم يزل موفور العزّ والجاه ، مالكاً سبيل الفوز والنجاة حتّى استأثر ذو المنّة ، وتلا بـ(أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ). (١)
وقال تلميذه العارف قطب الدين الاشكوري في محبوب القلوب : السيد السند المحقّق في المعقول ، والمحقّق في المنقول ، سمّى خامس أجداده المعصومين مير محمّد باقر الداماد ، لا زال سعيه في كشف معضلات المسائل مشكوراً ، واسمه في صدر جريدة أهل الفضل مسطوراً :
علم عروس همه استاد شد |
|
فطرت او بود كه داماد شد |
ثمّ ذكر وجه التسمية : وقال : كان شكر الله سعيه ورفع درجته يصرّح النجابة بذكره ، ويخطب المعارف بشكره ، ولم يزل يطالع كتب الأوائل متفهّماً ، ويلقي الشيوخ متعلّماً ، حتّى يفوق في أقصر مدّة في كلّ من فنون العلم على كلّ أوحديّ أخصّ ، وصار في كلّ مآثره كالواسطة في النصّ :
عقليش از قياس عقل برون |
|
نقليش از اساس نقل فزون |
يخبر عن معضلات المسائل فيصيب ، ويضرب في كلّ ما ينتحله من التعليم بأوفى نصيب ، توحّد بإبداع دقائق العلوم والعرفان ، وتفرّد بفرائد أبكار لم يكشف قناع الإجمال عن جمال حقائقها إلى الآن ، فلقد صدق ما أنشد بعض الشعراء في شأنه :
__________________
١. سلافة العصر : ٤٧٧ ـ ٤٧٨.