(١) قوله عليه السلام : وإذ كلّ نعمك ابتداء
إذ قاطبة ما سواك مستندة إليك بالذات أبد الآباد مرّة واحدة دهريّة خارجة عن إدراك الأوهام ، لا على شاكلة المرّات الزمانيّة المألوفة للقرائح الوهمانيّة ، فطابع الإمكان الذاتي ملاك الإفتقار إلى جدتك ، ومناط الإستناد إلى هبتك.
فكما أنّ النعم والمواهب فيوض جودك ورحمتك ، فكذلك الإستحقاقات والإستعدادات المترتّبة في سلسلة الأسباب والمسبّبات ، مستندة جميعاً إليك ، فائضة بأسرها من تلقاء فيّاضيّتك.
(٢) قوله عليه السلام : من انتابه المسترحمون
انتاب الرجل كذا أتاه مرّة بعد مرّة على التناوب ، وهو افتعال من النوبة بالنون قبل الواو ، أي : أتوه على التناوب مرّة بعد اُخرى.
قال الجوهري في الصحاح : ناب عنّي فلان ينوب مناباً ، أي : قام مقامي. وانتاب فلان القوم انتياباً ، أي :أتاهم مرّة بعد اُخرى ، وهو افتعال من النوبة.
ومنه قول الهذلي : لا يرد الماء إلّا انتياباً ويروى «ائتياباً» وهو إفتعال من آب يؤوب ، إذ أتى ليلاً. وأناب إلى الله ، أي : أقبل وتاب. (١)
وفي القاموس : النوبة الفرصة والدولة والجماعة من الناس ، وواحده النؤروب ، وناب عنه نوباً ومناباً قام مقامه ، وانتبه عنه وناب إلى الله تاب ، كأناب ، وناوبه عاقبه ، وناب لزم الطاعة ، وانتابهم انتياباً أتاهم مرّة بعد اُخرى ، وسمّوا مناباً. (٢)
ومن أعاجيب الأغلاط ما وقع هنا لغير واحد من الطغام القاصرين ، وهو حسبان ذلك انفعال من التوبة الرجوع من الذنب والندم عليها ، ثمّ استناد هذا الحسبان إلى الصحاح
__________________
١. الصحاح : ١ / ٢٢٨ ـ ٢٢٩.
٢. القاموس : ١ / ١٣٤ ـ ١٣٥.