قاله الجوهري (١) وغيره.
أو بقطع الهمزة المفتوحة واللام المكسورة ، من أدلاه يدليه من باب الإفعال ، بمعنى الإرسال ، ويستعار للمواصلة والمقاربة والتواصل (٢) إلى الشيء.
يقال : أدليت الدلو : أي : أرسلتها في البئر ، بخلاف دلوتها ، فإنّ معناه نزعتها. والدالي بمعنى المدلي. وأدلى بحجّته أي : احتجّ بها ، وأدلى بماله إلى الحاكم أي : رفعه إليه.
قال ابن الأثير : يقال : أدليت الدلو ودلّيتها إذا أرسلتها في البئر. (٣)
والتدليّ من الشجرة التقرّب إليها والتعلّق بها ، وقوله تعالى : (دَنَا فَتَدَلَّىٰ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ) (٤) إن كانت الضمائر لجبرئيل عليه السلام كان المعنى دنى جبرئيل عليه السلام من النبيّ صلى الله عليه وآله فتدلّى أي : تعلّق به صلّى الله عليه وآله ، وهو تمثيل لعروجه بالرسول صلّى الله عليه وآله.
وقيل : أي : تدلّى من الاُفق الأعلى فدنى من الرسول صلّى الله عليه وآله ، ليكون إشعاراً بأنّه عرج به غير منفصل عن محلّه ، فكان جبرئيل عليه السلام قاب قوسين [أو أدنى] من النبيّ صلّى الله عليه وآله ، أي : مقدارهما. كقولك هو منّي معقد (٥) الإزار ، أو كان البعد والمسافة بينهما مقدار قوسين أو أدنى ، والمقصود الكناية عن شدّة الاتّصال بينهما.
وإن كانت الضمائر لله تعالى كان المراد بدنوّه منه رفع مكانته وبتدلّيه جذبه بشراشره إلى جناب القدس.
ثمّ مشرب التحقيق أن يراد بالقوسين قوسا الوجوب والإمكان ، تنبيهاً على أنّ الفارق بين النبيّ صلّى الله عليه وآله وبين الله تعالى حين وصل إلى آخر منازل السير في الله ، وهو عزل النظر عن غيره تعالى مطلقاً ، حتّى عن عدم ملااحظة غيره أيضاً ، وقصر البشر بشراشره على رفض لحاظ ما سواه ليس إلّا وجوب المبدأ وإمكان عبده الصائر إليه السائر
__________________
١. الصحاح : ٦ / ٢٢٣٩.
٢. في «ن» : والتوصل.
٣. نهاية ابن الأثير : ٢ / ١٣١.
٤. سورة النجم : ٨.
٥. في «ن» : بمقعد.