وكأنّه عليه السلام قد كني عمّا هو ملاك الذات ، وقوام الهويّة بالنصية وعن شدّة المتهوريّة والمبهوريّة في سلطوات قوّة الله تعالى وقدرته ، يكون الناصية بيده.
وبالجملة الأخذ بالنواصي كناية عن سلطان قدرته وقوّته سبحانه على غرائز الأشياء وطبايعها وماهيّاتها وهويّاتها.
(١٠) قوله عليه السلام : عبداً داخراً
الدخور : الصغار والذّل. قال ابن الأثير في النهاية : الداخر الذليل المهان. (١)
وفي صحاح الجوهري : الدخور الطرد والإبعاد. (٢) وهو غير معنيّ هاهنا.
(١١) قوله عليه السلام : في سرّاء
السرّاء والضرّاء والبأساء صيغ تأنيث لا مذكّر لها ، فتارات تجعل السرّاء نقيض الضرّاء والبأساء ، فهي بمعنى السعة والرخاء ، وهما بمعنى الضيق والشدّة. وتارات تجعل الصيغ الثلاث متشاركة في معنى الشدّة ، ويفترق بأخذ الضرّاء بدنيّة دون الباقيتين.
فالبأساء والسرّاء هما البؤس والفقر والضيق والذلّ ، والضرّاء هي الداهات (٣) البدنيّة كالعمى والزمانة.
وأئمّة العلوم اللسانيّة فريق منهم على المذهب الأوّل ، وفريق منهم على المذب الثاني ، وفي التنزيل الكريم كثيراً ما جرى الأمر فيهما على السبيلين.
(١٢) قوله عليه السلام : وأشعر قلبي تقواك
من الشعار وهو ما يلي من الثياب ، والدثار ما كان فوق الشعار ، يقال : أشعرته وأدثرته إذا ألبسته الشعار وألبسته الدثار.
أي : والبس قلبي تقواك ، واجعل لباس تقواك من قلبي مكان الشعار من الجسد.
__________________
١. نهاية ابن الأثير : ٢ / ١٠٧.
٢. الصحاح : ٢ / ٦٥٥ والموجود فيه : الدخور ـ بالخاء المعجمة ـ : الصغار والذلّ. وقال : الدحور ـ بالحاء المهملة ـ الطرد والإبعاد. فخلط السيّد بينهما فتفطّن.
٣. في «س» : أي : العاهات. وفي «ط» : هي العايات.