فُرُوضِـكَ (٨) الَّتِي مَنْ ضَيَّعَها هَلَكَ ، وَلَسْتُ أَتَوَسَّلُ إلَيْكَ بِفَضْلِ نَافِلَة مَعَ كَثِيرِ مَا أَغْفَلْتُ مِنْ وَظَائِفِ فُرُوضِكَ ، وَتَعَدَّيْتُ عَنْ مَقَامَاتِ حُدُودِكَ إلَى حُرُمَات انْتَهَكْتُهَا ، وَكَبَائِرِ ذُنُوب اجْتَرَحْتُهَا ، كَانَتْ عَافِيَتُكَ لِي مِنْ فَضَائِحِهَا سِتْراً ، وَهَذَا مَقَامُ مَنِ اسْتَحْيَى لِنَفْسِهِ مِنْكَ ، وَسَخِطَ عَلَيْهَا وَرَضِيَ عَنْكَ ، فَتَلَقَّاكَ بِنَفْس خَاشِعَة ، وَرَقَبَة خَاضِعَة ، وَظَهْر مُثْقَل مِنَ الْخَطَايَا ، وَاقِفاً بَيْنَ الرَّغْبَةِ إلَيْكَ ، وَالرَّهْبَةِ مِنْكَ ، وَأَنْتَ أَوْلَى مَنْ رَجَـاهُ ، وَأَحَقُّ مَنْ خَشِيَـهُ ، وَاتّقـاهُ ، فَاعْطِنِي يَا رَبِّ مَا رَجَوْتُ وَأمِنِّي مَا حَذِرْتُ ، وَعُدْ عَلَيَّ بِعَائِدَةِ رَحْمَتِكَ ، إنَّكَ أكْرَمُ الْمَسْؤُولِينَ. أللَّهُمَّ وَإذْ سَتَـرْتَنِي بِعَفْوِكَ وَتَغَمَّـدْتَنِي بِفَضْلِكَ فِي دَارِ الْفَنَاءِ بِحَضرَةِ الأكْفَاءِ ، فَأَجِرْنِي مِنْ فَضِيحَاتِ دَارِ الْبَقَاءِ عِنْدَ مَوَاقِفِ الأشْهَادِ مِنَ المَلائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ ، وَالرُّسُلِ الْمُكَرَّمِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ، مِنْ جَار كُنْتُ أُكَاتِمُهُ سَيِّئاتِي ، وَمِنْ ذِي رَحِم كُنْتُ أَحْتَشِمُ مِنْهُ فِي سَرِيرَاتِي ، لَمْ أَثِقْ بِهِمْ رَبِّ فِي السِّتْرِ عَلَيَّ ، وَوَثِقْتُ بِكَ رَبِّ فِي الْمَغفِرَةِ لِيْ ، وَأَنْتَ أوْلَى مَنْ وُثِقَ بِهِ ، وَأَعْطَف مَنْ رُغِبَ إلَيْهِ ، وَأَرْأَفُ مَنِ اسْتُرْحِمَ ، فَارْحَمْنِي. أللهُمَّ وَأنتَ حَدَرْتَنِي مَاءً مَهِيناً مِنْ صُلب مُتَضَائِقِ الْعِظَامِ ، حَرِجِ الْمَسَالِكِ إلَى رَحِم ضَيِّقَة سَتَرْتَهَا بِالْحُجُبِ ، تُصَرِّفُنِي حَالاً عَنْ حَالٍ ، حَتَّى انْتَهَيْتَ