عفوك وغفرانك وحلمك وصفحك ، وفي الطلبات الجسيمة والمبتغيات العظيمة ما يقصر عنه جدتك وهبتك وجودك وكرمك.
ومن المحتمل أيضاً أن يكون «عليك» بمعنى «منك» كما في التنزيل الكريم (إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) (١) أي : من الناس ، فيكون «هلك» في معنى خاب ، أي : ممّن خاب منك وردّ عن بابك خائباً.
(١٠) قوله عليه السلام : لا! من؟
الوقف على «عليك» و «لا» و «من» على قياس ما قد سبق ، وهذا يسمّى في علم البديع «صنعة الإكتفاء» أي لا يكون أحد أشقى ممّن هلك عليك ومن الذي يكون أشقى منه ، وقيل : معناه لا يهلك أحد عليك ومن الذي يهلك عليك. وليس بشيء ؛ إذ ليس فيه تأكيد ، وهو المقصود هنا.
وصنعة الإكتفاء في التنزيل الكريم متكرّر الوقوع جدّاً ، ومنه في قوله عزّ من قائل : (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) (٢) وفي قوله سبحانه : (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ) (٣) من حذف جواب «لو» ومن ذلك قولهم ليس لا بعد له ، وقولهم وهذا دليل على أنّه.
__________________
١. سورة المطفّفين : ٢.
٢. سورة التكاثر : ٥.
٣. سورة التوبة : ٥٩.