(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) (١) فعبارة عن زوال القوّة الحيوانيّة وإبانة الروح عن الجسد.
وقوله تعالى : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ) (٢) فقد قيل معناه ستموت تنبيهاً أنّه لا بدّ لكلّ أحد من الموت ، كما قيل :
* والموت حتم في رقاب العباد *
وقيل : بل الميت هاهنا ليس بإشارة إلى إبانة الروح عن الجسد ، بل هو إشارة إلى ما يعتري الإنسان في كلّ حال من التحلّل والنقص ، فإنّ البشر ما دام في الدنيا يموت جزءاً فجزءاً.
وقد عبّر قوم عن هذا المعنى بالمائت ، وفصّلوا بين الميت والمائت ، فقالوا : المائت هو المتحلّل.
قال القاضي عبد العزيز : (٣) ليس في لغتنا مائت على حسب ما قالوه ، وإنّما يقال : موت مائت كقولنا شعر شاعر وسيل سائل ، والميت مخفّف عن الميّت يقال : بلد ميت وميّت ، قال تعالى : (فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ) (٤) وقال تعالى (بَلْدَةً مَّيْتًا) (٥) والميتة من الحيوان ما زال روحه بغير تذكية ، قال (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) (٦) وقال تعالى (إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً) (٧). والموتان بالتحريك بإزاء الحيوان ، وهو الأرض التي لم تحيي لزرع وأرض موات. ووقع في الإبل موتان كثير بالضمّ. والمستميت المتعرّض للموت. والموتة شبه الجنون ، كأنّه من موت العلم والعقل ، ومنه رجل موتان القلب وامرأة موتانة. انتهى كلام المفردات. (٨)
قلت : بل الحقّ أنّ المائت في لغة العرب مسموع موضوع لمعنى ، وأنّ معناه القابل للموت
__________________
١. سورة الأنبياء ٣٥.
٢. سورة الزمر : ٣٠.
٣. وفي المصدر : القاضي علي بن عبد العزيز.
٤. سورة فاطر : ٩.
٥. سورة الفرقان : ٤٩.
٦. سورة المائة : ٣.
٧. سورة الأنعام : ١٤٥.
٨. مفردات الراغب : ص ٤٧٦ ـ ٤٧٧.