كُلِّ جَلاَلٍ ، كُلُّ جَلِيْل عِنْدَكَ صَغِيرٌ وَكُلُّ شَرِيف فِي جَنْبِ شَرَفِكَ حَقِيرٌ ، خَابَ الْوَافِدُونَ عَلَى غَيْرِكَ ، وَخَسِرَ الْمُتَعَرِّضُونَ إلاَّ لَكَ ، وَضَاعَ الْمُلِمُّونَ إلاّ بِكَ ، وَأَجْدَبَ الْمُنْتَجِعُـونَ إلاَّ مَنِ انْتَجَعَ فَضْلَكَ ، بَابُكَ مَفْتُوحٌ لِلرَّاغِبِينَ ، وَجُودُكَ مُبَاحٌ لِلسَّائِلِينَ ، وَإغاثَتُكَ قَرِيبَةٌ مِنَ الْمُسْتَغِيْثِينَ ، لاَ يَخِيبُ مِنْـكَ الآمِلُونَ وَلاَ يَيْأَسُ مِنْ عَطَائِكَ الْمُتَعَرِّضُونَ ، وَلا يَشْقَى بِنَقْمَتِكَ الْمُسْتَغْفِرُونَ ، رِزْقُكَ مَبْسُوطٌ لِمَنْ عَصَاكَ ، وَحِلْمُكَ مُعْتَـرِضٌ لِمَنْ نَاوَاكَ ، عَادَتُكَ الإحْسَـانُ إلَى الْمُسِيئينَ ، وَسُنَّتُـكَ الإبْقَاءُ عَلَى الْمُعْتَدِينَ ، حَتَّى لَقَدْ غَرَّتْهُمْ أَنَاتُكَ عَنِ الرُّجُوعِ ، وَصَدَّهُمْ إمْهَالُكَ عَن النُّزُوعِ ، وَإنَّمَا تَأَنَّيْتَ بهمْ لِيَفِيئُوا إلَى أَمْرِكَ ، وَأَمْهَلْتَهُمْ ثِقَةً بِدَوَامِ مُلْكِكَ ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ خَتَمْتَ لَهُ بِهَا ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ خَذَلْتَهُ لَهَا ، كُلُّهُمْ صَائِرُونَ إلَى حُكْمِكَ وَأُمُورُهُمْ آئِلَة إلَى أَمْـرِكَ ، لَمْ يَهِنْ عَلَى طُـولِ مُـدَّتِهِمْ سُلْطَانُـكَ ، وَلَمْ يَـدْحَضْ لِتَـرْكِ مُعَاجَلَتِهِمْ بُرْهَانُكَ ، حُجَّتُكَ قَائِمَةٌ لاَ تُدْحَضُ ، وَسُلْطَانُكَ ثَابِتٌ لا يَزُولُ ، فَالْوَيْلُ الدَّائِمُ لِمَنْ جَنَحَ عَنْكَ ، وَالْخَيْبَةُ الْخَاذِلَةُ لِمَنْ خَابَ مِنْكَ ، وَالشَّقاءُ الاشْقَى لِمَنِ اغْتَرَّ بِكَ ، مَا أكْثَرَ تَصَرُّفَهُ فِي عَذَابِكَ ، وَمَا أَطْوَلَ تَرَدُّدَهُ فِيْ عِقَابِكَ ، وَمَا أَبْعَدَ غَايَتَهُ مِنَ الْفَرَجِ ، وَمَا أَقْنَطَهُ مِنْ سُهُولَةِ الْمَخْرَجِ ،