(١) قوله عليه السلام : الحمد لله
أي : جنس الحمد وكلّ حمد ودميع المحامد لله سبحانه بالحقيقة ، إذ ما من خير بالذات أخر خير بالعرض في نظام الوجود طولاً أو عرضاً (١) إلّا وهو مستند إليه سبحانه بوسط أو لا بوسط. فقد جعل اختصاص الجنس دليلاً على اختصاص جميع الأفراد ، سلوكاً لطريقة البرهان ، وذلك باب من فنّ البلاغة.
إذ معناه : ذات كلّ متقرّر ووجود كلّ موجو لله ، كما قال جلّ سلطانه (لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) (٢) إذ حقيقة الحمد هو الوصف بالجميل ، وكلّ تقرّر ووجود ينطق بلسان طباع الإمكان أن مفيضه ومبدعه هو [الحيّ] (٣) القيّوم الحقّ المتقرّر بنفسه الموجود بذاته.
فتكوّن هويّة كلّ ذي هويّة حمداً له سبحانه (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ). (٤)
أو المراد به عالم الحمد ، أعني : عالم الأمر ، ويقال له : عالم التسبيح والتحميد ، وهو عالم المجرّدات. إذ كلّ موجود بلسان ماله من الكمالات المطلقة يصف جاعله الحقّ بذلك الكمال ، ويشهد أنّه هناك على أقصى ما يتصوّر من التمام والبهاء وعالم الخلق لا خلاق له من الكمالات المطلقة إلّا الوجود ، فيكون عالم الأمر كلّه هو حقيقة الحمد كلّه. وبسط القول هناك على ذمّة سدرة المنتهى.
__________________
١. في «ن» بطولاً وعرضاً.
٢. سورة البقرة : ٢٥٥.
٣. الزيادة من «ن».
٤. سورة الاسراء : ٤٤.