وقال شيخنا العلّامة : إنّ البَوْل فَضْلَة جميع ما يقوم به البَدَن ، وخُروجها سائلة من الإحليل والفَرْج بمجرَى خاصّ فى المرأة مُشْتَرِك مع مَجْرَى المنىّ فى الذَّكر ، وهى المذكورة فى تشريح القَضيب.
والبَول مُشْتَمِل على جُزأين ، أحدهما المائيّة ، وثانيهما : الرّسوب. ووجه الاستدلال على ذلك أنّ الغذاء بواسطة ما يُشرب يصير كَيلوساً (٢٦٩) لا يَنفذ فى المجارى الضَّيِّقة إلّا بواسطةٍ. والأخلاط إذا تَوَلَّدَت فى الكبد مَيَّزَت الطّبيعةُ هنها المائيّةَ ، وإذا تميّزت فمنها ما يندفع فى عِرْقِ نازل إلى الكِليتَين ، ثمّ منها إلى المثانَة. ومنها ما يَصْحَب الدَّم للنُّفوذ (٢٧٠) لا للتّغذية ، فيندفع فى العُروق إلى باقى الأعضاء ، ثم يرجع منها إلى المثانة.
والذى يدلّ على ذلك أن المختضِب بالحنّاء ينصبغ بولُه ، وأنّ مَن كَثُر عَرَقُه قَلَ بَوْلُه ، بالعكس.
ولذلك استُدِلَّ به على أحوال الأعضاء المخالِطة لها.
والبَول هو مائيّة الطّعام والشّراب. وفيه ثلاثة أجناس مع أربعة أعراض.
فالأجناس : الغِلَظ والرِّقَّة والتَّوَسُّط.
والأعراض : الحُمرة والصُّفرة والسَّواد والبياض.
فحُمرته دالّة على غَلَبة الدّم ، وصُفرته على الصّفراء ، وسواده على السّوداء (٢٧١) ، وبياضُه على البَلْغَم.
وقال شيخنا العلّامة : إعْلَم أنّ البَول كلّما قَرّبْتَه مِنك ازْداد غِلَظاً ، وكُلَّما بَعّدته ازداد صَفاء. وبهذا يُفارق سائر القَشّ (٢٧٢) ممّا يُعْرَض على الأطبّاء للامتحان. البَول الذى يُسْتَدَلَّ به يجب أنْ يكون أوّل بَولٍ أصْبح عليه ، ولم يُدافَع به إلى زمان طويل ، وبُيِّت من اللّيل ، ولم يكن صاحبه تناول صابغا من مأكول أو مشروب ، كالزعفران فانّه يَصبغه إلى الصُّفْرة ، وكالبُقول فانّها تصبغه إلى الخُضرة ، ولا لاقت بشرتُه صابِغا كالحنّاء ، ولا يكون تناول ما يُدِرّ خِلْطا ، ولم يكن تعاطَى ما يُغَيِّره كالصَّوم والسَّهَر والتَّعَب والغَضَب والقَىء والاسْتفراغ.