من جديد كتاب الماء
يتضمن هذا الكتاب كثيرا من النظريات العلمية التي من شأنها أن تغير كثيرا من المفاهيم السائدة في الميدان الطبي ، سواء ما كان منها متعلقا بتاريخ الطب ، أم ما كان متعلقا بالمادة الطبية نفسها ، ونشير هنا الى ما ذكره المؤلف من علاجات للضعف الجنسي ولنقص المناعة وللكوليرا وللاكتئاب وازدواج الشخصية وغيرها .. وصحيح أنه لم يذكر هذه الأمراض بأسمائها المعروفة اليوم إلّا انه ذكرها بأسمائها المعروفة تاريخيا وبصفاتها وعلاماتها وأعراضها. وبالرغم من أن الكتاب كله شاهد على ما أقول ، إلّا اني أسمح لنفسي هنا بنقل شيء من نظريته في" الإبصار" مما جاء عنده في مادة" ب. ص. ر". فمن المعروف أن نظرية الإبصار التي كانت شائعة عند اليونانيين ومن جاء بعدهم تذهب الى أن العين تطلق أشعة تقع على الأشياء فتتمكن العين من مشاهدتها.
وفي العصور الحديثة وصل علماء الغرب الى نظرية علمية في الإبصار تذهب الى أن الأشياء هي التي تعكس الضوء فتدخل صورها الى العين ويقع الإبصار .. بعد ان تصل تلك الصور الى الدماغ فيقوم بتفسيرها.
وشهر في ميادين العلوم أن ابن النّفيس قد سبق العلماء الأوروبيين الى اكتشاف هذه النظرية التي قلبت كثيرا من مفاهيم تاريخ الطب وتطوره .. ولكن ابن النفيس توفي في سنة ٦٨٦ للهجرة ، ومعنى هذا أن بينه وبين أبي محمد عبد الله بن محمد الأزدي أكثر من قرنين من الزمن .. وهذا الأزدي يسجل تلك النظرية في كتابه هذا ، فحق له أن ينصف أخيرا وأن تُسجّل تلك