والتَّخَلُّص من السُّموم الحيوانيّة والنّباتيّة والمعدنيّة.
واخترعه أندروماحس المتقدِّم وعَمُّه أندروماخس المتأخّر (١٩) بزيادة لُحوم الأفاعى فيه.
وأظهر جالينوس فضلَه وحَرَّر وَزْنَه.
وأندروماحس المتقدِّم هو الذى سمّاه بالتِّرْياق ، لأنّه نافع من نَهش الحيوانات ذوات السُّموم ، واسمها باليونانيّة : تِرْيا.
وهو نافع من السُّموم المشروبة الفعّالة ، واسمها باليونانية فاء ، ممدودة (٢٠) ، ثم خُفّف وعُرِّب أُطْلِق على كلّ ما يقاوم السُّموم.
وأندروماحس المتأخِّر هو الذى لَقَّبَه بالفاروق ، لأنّه يُفَرِّق بين السُّموم وطبيعة البَدَن.
والسَّبب الموجِب للمتقدِّم باختراعه هو ما اتَّفق له فى بعض أسفاره بعد ما أتت عليه عشرون سنة من عمره أنّه رأى غلاماً يَبول فى أصل حائط بُستان فخرجت عليه حيّة مُغِيْرَة فلسعته فى إبهام رِجْله ، فقام الغلام مُبادرا إليها فقتلَها ، ثمّ عَمَد إلى شجرة من شجر الغار (٢١) فأخذ يأكل من حَبِّها ، فسأله أندروماحس عن سبب أكله ، فقال له الغلام أنّه يقاوم سُموم الحيّات ، وأنّ اباه يَدُقُّه بمثله عَسلا مَنْزوع الرّغوة ، ويَسْقى الملدوغ أربعة مثاقيل منه فيبرأ (٢٢). ولمّا رجع أندروماحس الى مدينته جَرَّبه ، فوجده ينفع من لَدْغ الحيّات والعقارب الصّغار ، فأحَبَّ أن يُضيف إليه ما تَقْوَى به قوّته ، فأضاف اليه شَحم الحنْظَل والمرّ والقسط فجاءت هذه الأربعة فى غاية الجودة والنّفع من سُموم الهوامّ.
ثم جاء إقليدس (٢٣) فزادها أربعةً أُخرَى ، وهى الفُلْفُل الأبيض والدّارجينى والزَّعفران والسَّليجة.
ثمّ جاء افلاغورس (٢٤) فزاد الكِرسنة وبصل العُنْصُل ، وأسقط العَسَل ، وأبدل به الشّراب (٢٥) وجعل الكِرسنة والبَصَل أقراصا وعَجَنَها بالشَّراب.
ثمّ زاد الذين جاؤوا مِنْ بعده الزّراوَند الطّويل والإذْخِر والسُّنْبُل