ففى هذا التّعريف لا بُدَّ أنْ يوجد فيه الزّمان والمكان. ولا بُدّ أنْ تُوجد فى حَدِّه الحركة لأنّه مِقدارُها ، فهو تعريف دَوْرِىٌّ.
فالحدُّ الحقيقىّ للحرَكة أنّها كَمالٌ أوّل لِما هو بالقوّة من جهة المعنى الذى هو بالقوّة.
وتحقيقه أنّ الجسم قبل تحرُّكه هو بالقوّة مُتَحَرِّك ، وبالقوّة واصِل الى ما يَتَحَرَّك اليه ، ولكنْ بقوّة أبعد من تلك.
ففى البَدَن قبل حرَكته قوَّتان :
قُوَّة على الحَرَكة وقوّة الوصول الى المقصود بالحَرَكَة.
ولكل واحدة من هاتين القوَّتين كمال ، وهو الحصول بالفعل.
فالقوّة الأولى هى القوّة على التَّوَجُّه الى المطلوب ، وهو بالحَرَكة اليه.
والقوّة الثّانية هى القوّة على الوصول الى المطلوب.
فاذا تَحَرَّك البدَن بعد سُكونه فقد حصل له الكمالان ، وهو التّوجّه وحصول هذا الكمال ما دامت الحَرَكَة موجودةً.
وهذا بخِلاف السّواد والبَياض ونحوهما ، فإنّ كلّ واحد منهما إذا وُجِد فانّه يكون قد كَمُل وجودُه ، ولم يبقَ منه شىء بالقوّة.
والحرَكة ليست كذلك ، فلذلك حُدَّت بأنّها كمالٌ أوَّلٌ لِما هو بالقوّة من جهَةِ المعنَى الذى هو بالقوّة ، وهى كونُ الجسم إذا أُيِّنَ ، أو وُضِعَ أو كُمَّ أو كُيِّفَ ، لمْ يكن قَبْلَ ذلك ولا يكون له بَعْدَه.
أمّا الحَرَكة فى الأيْنِ (٦٦) فهى الحَرَكة المكانيّة ، وتُسمَّى النَّقْلِيَّة ، وهى أنْ تَتَبَدَّل أُيُونُ المُتَحَرِّكِ ، سَواءً خَرَج من مكانه كحرَكة الماءِ فى الكُوز المنقول من محلّ الى آخر.
ومن الأعراضِ الجِنْسُ الملقَّب بجنس أيْنَ ، وهو النِّسْبَة التى تحدُث بين الشّىء ومكانِه ، كالمَعنى المفهوم من قولِنا : زيد فى السُّوق ، ومُحَمَّد فى المجلس ، وسَعْد فى بغداد ، ويُسمَّى جِنْسَ أينَ ، لأنّه هو الذى يعود فى جواب السّائل أين زيد؟ وأين