الكاتب والكتاب
لقد تظافرت عوامل كثيرة على إخفاء الكتب التراثيّة التي تتعلَّق بالعلوم التّجريبيّة للعرب وسائر المسلمين ..
ولعلّ من أبرز تلك العوامل أن محققي التراث العربي شغلوا بذات النوعية من الكتب التي بدأ المستشرقون بتحقيقها ونشرها وفهرستها منذ مطالع النهضة الأوروبية وعلاقة أوربا بدول المشرق. ولا نعدو الحقيقة إذا قررنا أن كثيرا من كتب التراث التي نشرها محققون عرب كانت قد صدرت من قبل مستشرقين وعلماء الشرقيات في أوروبا.
ومن هنا ترسخت حركة إحياء التراث العربي على نوعيات من الكتب محددة فيما يحتاج اليه في الدرس الأدبي واللغوي ، والشرعي أحيانا .. وقد نتلمس للمحققين العرب الذين ظهروا في بدايات حركة تحقيق كتب التّراث شيئا من العذر في نهجهم ذاك النهج باعتبارهم كانوا حديثي عهد بمسألة تحقيق التراث فانصرفوا الى النوعية نفسها التي وجدوها أمامهم .. غير أن مما لا يمكن تلمس الأعذار له أن بعضا منهم كان يعيد جهود من سبقه سواء كان من سبقه عربيا مثله أم مستعربا ومستشرقا ، فكثرت الطبعات وتراكمت من غير كبير نفع للتراث ولا لحاضر الأمة ومستقبلها ، في حين ظل التراث العلميّ التجريبيّ بعيدا عن متناول القراء ومن غير أدنى اهتمام به.
وربما كانت هذه الملاحظة الأخيرة تعود الى أن التراث العلمي العربي المصنّف بضمن التراث التجريبي لم يحظ بسمعة حسنة لدى أبناء هذا الجيل لما غلب على الأذهان من أنه تراث معتمد على الخرافات والأساطير ، وأنه لم