قومه ، وقال : جئتكم من عند خير الناس». وقد حدثت حادثة الأعرابي هذا في غزوة ذات الرقاع ، واسم الرجل : غورث بن الحارث.
والتذكير بنعم الله التي لا تعد ولا تحصى يستتبع التزام التقوى ، لذا أمر تعالى بالتقوى وبالتوكل على الله ، فقال : (وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) أي اتخذوا من تقوى الله عدة تنفعكم وتحميكم من عذاب الله ، وتوكلوا على الله حق التوكل ، فمن توكل على الله ـ بعد اتخاذ الأسباب ـ كفاه الله ما أهمه وحفظه من شر الناس وعصمه.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ وجوب القيام لله تعالى بإخلاص بكل التكاليف التي كلفنا بها.
٢ ـ نفاذ حكم العدو على عدوه في الله تعالى ، ونفاذ شهادته عليه ؛ لأنه تعالى أمر بقوله : (كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ) بالعدل وإن أبغضه ، ولو كان حكمه عليه وشهادته لا تجوز فيه مع البغض له ، لما كان لأمره بالعدل فيه وجه.
٣ ـ إن كفر الكافر لا يمنع من العدل في معاملته ، وفي الآية الآمرة بالعدل والتقوى دلالة أيضا على أن يقتصر في المحاربة على المستحق للقتال ، وأن المثلة بالأعداء غير جائزة وإن قتلوا نساءنا وأطفالنا وآذونا بذلك ، فليس لنا أن نقتلهم بمثلة قصدا لإيقاع الغم والحزن بهم.
٤ ـ وجوب أداء الشهادات على وجهها من غير محاباة ولا ظلم. فهذه الآية وآية النساء المتقدمة [٤ / ١٣٥] تعالج داء خطيرا من أكبر الكبائر وهو كتمان الشهادة وشهادة الزور.
٥ ـ وجوب العدل في معاملة الناس قاطبة ، سواء كانوا أعداء أو أصدقاء ؛ لقوله تعالى : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ ..) الآية.