(وَمَنْ أَحْياها) فيه استعارة ، والمراد استبقاها ؛ لأن إحياء النفس حقيقة من مقدورات الله وحده.
(لَئِنْ بَسَطْتَ .. ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ) بينهما طباق السلب.
المفردات اللغوية :
(وَاتْلُ) أي اقرأ يا محمد (عَلَيْهِمْ) على قومك (نَبَأَ) خبر (ابْنَيْ آدَمَ) هابيل وقابيل (بِالْحَقِ) متعلق باتل (إِذْ قَرَّبا قُرْباناً) ما يتقرب به إلى الله تعالى من الذبائح وغيرها ، وهو مصدر في الأصل ، يستوي فيه الواحد وغيره ، وقربانهما : كبش لهابيل وزرع لقابيل (فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما) وهو هابيل ، بأن نزلت نار من السماء فأكلت قربانه (وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ) وهو قابيل ، فغضب وأضمر الحسد في نفسه إلى أن حج آدم.
(لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ) اللام لام القسم ، أي لئن مددت يدك إلي لتقتلني.
(تَبُوءَ) ترجع بعقاب يعادل الإثم ، وباء بالنعمة وباء بالذنب : التزم وأقر (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ) زينت وشجعت (مِنَ الْخاسِرِينَ) بقتله ، ولم يدر ما يصنع به ؛ لأنه أول ميت على وجه الأرض من بني آدم ، فحمله على ظهره (يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ) ينبش التراب بمنقاره وبرجليه ويثيره على غراب ميت معه ، حتى واراه (يُوارِي) يستر (سَوْأَةَ أَخِيهِ) ما يسوء ظهوره وهو العورة والمراد الجثة. (يا وَيْلَتى) الويلة : الفضيحة والبلية ، أي وا فضيحتاه ، والويل : حلول الشر.
(مِنْ أَجْلِ ذلِكَ) بسبب ذلك الذي فعله قابيل (بِالْبَيِّناتِ) الآيات الواضحة (أَنَّهُ) أي الشأن (بِغَيْرِ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ) أي بغير فساد أتاه من كفر أو زنى أو قطع طريق أو نحوه (أَحْياها) امتنع عن قتلها (لَمُسْرِفُونَ) مجاوزون الحد بالكفر والقتل وغير ذلك ، والإسراف البعد عن حد الاعتدال.
المناسبة :
أورد الله تعالى هذه القصة لبيان تأثير الحسد والحقد وحب الذات ، وأن ذلك يؤدي إلى المخاطر والمهالك والقبائح ، فقضى على رابطة الأخوة التي تجمع بين الأخوين ، وأدى إلى سفك الدماء. وأمثلة ذلك كثيرة ، فبعد أن ذكر تعالى حسد اليهود للنبيصلىاللهعليهوسلم ، حتى هموا أن يقتلوه مع صحابته ، ذكر هنا قصة ابني آدم ، حسدا من الأخ على أخيه ، فوجه اتصال الآية بما قبلها التنبيه من الله تعالى