وأمروا أن يدخلوا باب القرية أي بيت المقدس سجّدا أي خاضعين متذللين ، وهم يقولون : حطّة ، أي اللهم حطّ عنّا ذنوبنا في تركنا الجهاد ، ونكولنا عنه حتى تهنا في التيه أربعين سنة ، فخالفوا ما أمروا به من القول والفعل ، ودخلوا يزحفون على أستاههم وهم يقولون : حنطة في شعرة.
وأوصاهم الله تعالى بحفظ السبت والتزام ما حرم الله عليهم ما دام مشروعا لهم ، فقال لهم على لسان داود عليهالسلام : لا تعدوا في السبت ، أي لا تتجاوزوا حدود الله فيه بالعمل الدّنيوي ، فخالفوا واحتالوا بحيلتهم المعروفة باصطياد الحيتان فيه : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) [البقرة ٢ / ٦٥].
وأخذ الله منهم ميثاقا غليظا ، أي عهدا مؤكّدا شديدا على الأخذ بالتوراة بجدّ وقوّة ، والعمل بها ، وعدم كتمان البشارة بعيسى ومحمد عليهما الصّلاة والسّلام ، فخالفوا وعصوا وتحايلوا على ارتكاب ما حرّم الله عزوجل ، كما ورد في سورة الأعراف : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) [الأعراف ٧ / ١٦٣].
ثم ذكر تعالى بعد هذا الميثاق أسباب ما حلّ بهم من عقاب وغضب الله ، مما يعدّ أقبح المخالفات : وهي نقض الميثاق الذي أخذه الله عليهم ، فأحلّوا حرامه ، وحرّموا حلاله : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ) أي فبسبب نقض اليهود الميثاق ، وكفرهم بآيات الله الدّالة على صدق أنبيائه ، وقتلهم الأنبياء كزكريا ويحيى عليهماالسلام بغير ذنب ، وقولهم : قلوبنا مغلفة بغلاف ، فلا يصل إليها شيء مما تدعو إليه : (وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ) [فصلت ٤١ / ٥] فردّ الله عليهم بأن ذلك